وقوله تعالى :﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ أي : لا يستوي العالم بالله مع الجاهل به، العالم يعبده على العيان، والجاهل به في مقام الاستدلال والبرهان. العالم بالله يستدل بالله على غيره، والجاهل به يستدل بالأشياء على الله، وشتّان بين مَن يستدل به أو يستدل عليه، المستدل به عرف الحق لأهله، وأثبت الأمر من وجود أصله، والاستدلال عليه من عدم الوصول إليه، كما في الحِكَم. العالم بالله من السابقين المقربين، والجاهل به من عامة أهل اليمين، ولو تبحّر في العلو الرسمية غاية التبحُّر. قال الورتجبي : وصف تعالى أحوال أهل الوجود والكشوفات، المستأنسين به، وبلذائذ خطابه ومناجاته، وتحمّلوا من لطائف خطابه مكنونَ أسرار غيبه، من العلوم الغريبة، والأنباء العجيبة، لذلك وصفهم بالعلم الإلهي، الذي استفادوا من قُربه ووصاله، وكشف جماله بقوله :﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ كيف يستوي الشاهد والغائب، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب ؟. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٤٤
قال القشيري : العلم المخلوق على ضربين : علم مجلوبٌ بكسب العبد، وموهوبٌ من قِبَلِ الربِّ.. انظر تمامه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٤٤
قلت :﴿في هذه﴾ : متعلق بأحسنوا، أو : بحسنة، على أنه بيان لمكانها، أو : حال من ضميرها في الظرف.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿قل يا عبادِ الذين آمنوا اتقوا ربَّكم﴾ بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، أمر رسوله ﷺ بأن يحثّهم على التقوى ويُذكِّرهم بها، بعد تخصيص التذكير بأولي الألباب، إيذاناً بأن أُولي الألباب هم أهل التقوى، وفي إضافتهم إلى ضمير الجلالة بقوله :﴿يا عبادي﴾ تشريف لهم، ومزيد اعتناء بشأن المأمور به، وهو التقوى.