الإشارة : بالتقوى الكاملة يصير العبد من أُولي الألباب، فبقدر ما تعظم التقوى يعظم إشراق النور في القلب، ويتصفّى من الرذائل، وقد تقدّم الكلام عليها مستوفياً عند قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللهَ﴾ [النساء : ١٠٠] فمَن أحسن في تقواه أحسن الله عاقبته ومثواه، وحفظه في دنياه وأخراه.
فمَن تعذّرت عليه التقوى في وطنه، فليهاجر منه إلى غيره، والهجرة سُنَّة نبوية، وليتجرّع الصبر على مفارقة الأوطان، ومهاجرة العشائر والإخوان، لينخرط في سلك أهل الإحسان، قال تعالى :﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ والَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ [التوبة : ١٠٠] الآية.
قال القشيري : الصبر : حَبْسُ النفس على ما تكره، ويقال : تجرُّعُ كاسات التقدير، من غير استكراهٍ ولا تعبيس، ويقال : التهدُّف لسهام البلاء. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٤٦
٢٤٧
يقول الحق جلّ جلاله :﴿قُل﴾ لهم :﴿إِني أُمرتُ أن أعبدَ اللهَ﴾ حال كوني ﴿مخلصاً له الدينَ﴾ من كل ما ينافيه من الشرك والرياء، وما أمر به ﷺ يُؤمر به أمته ؛ بل هم المقصودون. ثم قال :﴿وأمرتُ لأن أكون أول المسلمين﴾ أي : وأُمرت بذلك لأجل أن أكون مقدمهم في الدنيا والآخرة ؛ لأن إحراز قصَبِ السبق في الدين بالإخلاص فيه، فالإسلام الحقيقي هو المنعوت بالإخلاص، والتقدير : أُمرت بالعبادة والإخلاص فيها، وأُمرت بذلك لأن أكون أول المخلصين.