أو : تكون اللام زائدة، وهو أظهر، كقوله تعالى :﴿قُلْ إِنَّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنَ أَسْلَمَ﴾ [الأنعام : ١٤] أي : من قومي، أو : من أهل زماني، أو : أكون أول مَن دعا غيره إلى ما دعا إليه نفسه، وهو الإسلام، وحاصله : أُمرت بإخلاص الدين، وأُمرت أن أكون من السابقين في ذلك زماناً ورتبة ؛ لأنه داع إلى الإسلام، والداعي إلى الشيء ينبغي أن يكون متحلياً به، كما هي سُنَّة الأنبياء والأولياء، لا الملوك والمتجبرين.
﴿قل إِني أخافُ إِن عَصَيْتُ ربي﴾ بترك الإخلاص، والميل إلى ما أنتم عليه من الشرك ﴿عذابَ يومٍ عظيم﴾ هو يوم القيامة. وُصف بالعظمة ؛ لعظمة ما فيه من الدواهي والأهوال.
﴿قُلِ اللهَ أعبدُ﴾ لا غيره، لا استقلالاً ولا اشتراكاً. وليس بتكرار ؛ لأن الأول إخبار عن كونه مأموراً بالإخلاص في الدين، وبالسبق إليه، وهذا إخبار بأنه امتثل الأمر، وفعل ما أُمر به. وقدِّم المفعول لأنه جواب لقول الكفرة : أعْبُدْ ما نعبد، لنعبُد ما تعبد، فهو كقوله :﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ﴾ [الكافرون : ٦] أي : لا أعبد إلا الله ﴿مخلصاً له ديني﴾ من كل ما يشوبه من العلل، فأمر ﷺ أولاً ببيان كونه مأموراً بعبادة الله وإخلاص الدين له، ثم بالإخبار بخوفه من العذاب على تقدير العصيان، ثم بالإخبار بامتثالهِ لِمَا أمر به على أبلغ وجه ؛ إظهاراً لتصلُّبه في الدين، وحسماً لمادة أطماعهم الفارغة، وتمهيداً لتهديدهم بقوله :﴿فاعبدوا ما شئتم﴾ أن تعبدوه ﴿من دونه﴾ تعالى. وفيه من الدلالة على شدة الغضب عليهم ما لا يخفى، كأنهم لَمَّا لَمْ ينتهوا عما نُهوا عنه أُمِرُوا به، كي يحيق بهم العذاب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٤٧


الصفحة التالية
Icon