انظر بقية كلامه. وقال القشيري : الاستماع يكون لكل شيء، والاتباع يكون للأحسن. ثم قال : مَن عرف الله لا يسمع إلا بالله. هـ. ﴿أولئك الذين هداهم الله﴾ إلى صريح معرفته العيانية. ﴿وأولئك هم أولوا الألباب﴾، ولب الشيء : قلبه وخصاله، فقلوبهم خالصة لمولاهم، وأرواحهم متنعمة بشهود حبيبها، وأسرارهم متنزهة في رياض ملكوت سيدها. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٤٩
قلت :﴿مَن﴾ : شرطية، دخل عليها همزة الإنكار، والفاء عاطفة على جملة محذوفة ؛ ليتعلق الإنكار والنفي بمضمونها معاً، أي : أنت مالك أمر الناس، فمَنْ حَقَّ علية كلمة العذاب أفأنت تُنقذه، ثم كررت الهمزة في الجزاء ؛ لتأكيد الإنكار، وتكريره، لَمّا طال الكلام، ثم وضع موضع الضمير " مَن في النار " ؛ لمزيد تشديد الإنكار والاستبعاد، والتنبيه على أن المحكوم عليه بالعذاب بمنزلة الواقع في النار، ويجوز أن يكون الجزاء محذوفاً، دلّ عليه :﴿أفأنت تُنقذ﴾... الخ، أي : أفمن حقَّ عليه العذاب تنقذه أنت.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿أفمن حقّ عليه كلمةُ العذاب﴾. وهم عبَدَة الطاغوت ومتبعو خطواتها، كما يلُوح إليه التعبير عنهم بـ " مَن حق عليه كلمة العذاب "، فإن المراد بها قوله تعالى لإبليس :﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص : ٨٥]، وقوله تعالى :﴿لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأعراف : ١٨] أي : أفمن حقّت عليه كلمة الشقاء، تقدر أن تهديه وتُنقذه من الكفر، الذي هو سبب النار ؟ أو : تقول : المحكوم عليه بالنار بمنزلة الداخل فيها، فاجتهاده ﷺ في دعائهم إلى الإيمان سعي في إنقاذهم من النار بعد الدخول فيها، وهو لا يفيد. فالمراد : تسكينه ﷺ وتفريغه من الحرص عليهم.