وقيل : للجنيد : كيف السبيل إلى الوصول ؟ فقال : بتوبة تزيل الإصرار، وخوف يقطع التسويف، ورجاء يبعث على مسالك العمل، وبإهانة النفس، بقربها من الأجل، وبُعدها من الأمل. قيل له : وبمَ يتوصل إلى هذا ؟ فقال : بقلب مفرد، فيه توحيد مجرد. هـ.
وفي الحديث عن رسول الله ﷺ :" مَن جعل الهموم هَمّاً واحداً ـ أي : وهو الله ـ كفاه اللهُ همَّ دنياه، ومَن تشعبت به الهمومُ لم يُبالِ اللهُ به في أيِّ أوديةِ الدنيا هَلَكَ " وقال ﷺ :" مَن كانت الدنيا هَمَّهُ فرّق الله عليه أمره، وجعل فقرَه بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُسم له، ومَن كانت الآخرة نيته، جمع الله عليه أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي صاغرة " ومَن كان الله همُّه بفنائه فيه ؛ جمع الله عليه سره، وأغناه به عما سواه، وخدمه الوجود بأسره، " أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكون، فإذا شَهِدت المكون كانت الأكوانُ معك ". والله تعالى أعلم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٥٩
يقول الحق جلّ جلاله :﴿فمَن أظلمُ ممن كَذَبَ على الله﴾ بأن أضاف إليه الشريك والولد، فإنه لا أحد أظلم منه ؛ إذ هو أظلم من كل ظالم. ﴿وكذَّب بالصِّدق﴾ أي : الأمر الذي هو نفس الصدق وعين الحق، وهو ما جاء به النبي ﷺ من عند الله ﴿إِذْ جاءه﴾ أي : كذَّب في أول مجيئه، من غير تأمُّل فيه ولا تدبُّر، ﴿أليس في جهنم مَثْوىً للكافرين﴾ ؟ أي : لهؤلاء الذين افتروا على الله، وسارعوا إلى التكذيب بالصدق، فأظهر موضع الإضمار تسجيلاً وإيذاناً بعلة الحكم الذي استحقوا به جهنم، والجمع باعتبار معنى ﴿مَن﴾. كما أن الإفراد في الضمائر السابقة باعتبار لفظها، أو : لجنس الكفرة، وهم داخلون في الكفر دخولاً أولياً.


الصفحة التالية
Icon