وإظهار اسم الجليل في موضع الإضمار، لإبراز كمال الاعتناء بمضمون الكلام، والجمع بين الماضي والمستقبل في صلة الموصول الثاني ـ أي : الذي كانوا يعملون ـ دون الأول ؛ للإيذان باستمرارهم على الأعمال الصالحة، بخلاف السيئة. الإشارة : كل مَن ادعى حالاً مع الله، وليست متحققة فيه، فقد كذب على الله، وكل مَن أنكرعلى أولياء زمانه فقد كذّب بالصدق إذ جاءه. ﴿والذي جاء بالصدق﴾، وهو مَن أَذِن له في التذكير أو التربية. ﴿وصدّق به﴾، وهو مَن سمع وتبع، أولئك هم المتقون، دون غيرهم، لهم ما يتمنون عند ربهم في الدنيا والآخرة، ذلك جزاء أهل مقام الإحسان، الذين يعبدونه على العيان، يُغطي وصفهم بوصفه، ونعتهم بنعته، فيوصلهم بما منه إليهم، لا بما منهم إليه، ثم يكفيهم جميع الشرور.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٦٠
يقول الحق جلّ جلاله :﴿أليس اللهُ بكافٍ عَبْدَه﴾ أي : نبيه صلى الله عليه وسلم. نزلت تقوية لقلبه عليه السلام، وإزالة للخوف الذي كان الكفار يخوفونه، أو : جنس العبد، فيشمل الأنبياء كلهم والمؤمنين، وينتظم فيه النبي ﷺ انتظاماً أولياً، ويُؤيده قراءة الأخويْن بالجمع. وهو إنكار ونفي لعدم كفايته تعالى على أبلغ وجه وآكده، كأنَّ الكفاية بلغت من الظهور ما لا يقدر أحد على أن يتفوّه بعدمها، أو يتلعثم في الجواب بوجودها، وإذا علم العبدُ أن الحق تعالى قائم بكفايته، سكن قلبه واطمأن، وأسقط الأحمال والكُلَف عن ظهره، فلا جرم أن الله يكفيه ما أهمّه، ويؤمّنه مما يخافه، كما قال تعالى لنبيه ﷺ :


الصفحة التالية
Icon