﴿ويُخوفونك بالذين من دُونه﴾ أي : الأوثان التي اتخذوها آلهة دونه تعالى، وهي جوامد، لا تضر ولا تنفع، وهذا تسلية لرسول الله ﷺ عما قالت قريش : إنا نخاف أن تخبُلك آلهتنا، وتُصيبك معرَّتها لعيبك إياها. وفي رواية : قالوا : لتكفنّ عن آلهتنا، أو ليصيبنك منهم خبل أو جنون، كما قال قوم هود :﴿إِن نَّقٌولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوءٍ﴾ [هود : ٥٤]. وجملة :" ويخوفونك " : استئناف، أو : حال. ﴿ومَن يُضلِلِ اللهُ﴾ حتى غفل عن كفايته وعصمته ﷺ، أو : اعتقد أن الأصنام تضر وتنفع ؛ ﴿فما له من هادٍ﴾ يهديه إلى ما يرشده.
﴿ومَن يهدِ اللهُ﴾ إلى توحيده وطاعته ﴿فما له من مُضلٍّ﴾ يصرفه عن رشده، أو
٢٦٢
يصيبه سوء يخل بسلوكه ؛ إذ لا راد لفعله، ولا معارض لقضائه، كما ينطقُ به قوله تعالى :﴿أليسَ اللهُ بعزيزٍ﴾ : غالب لا يغالَب، منيع لا يمانَع ولا ينازَع، ﴿ذي انتقامٍ﴾ من أعدائه لأوليائه، بإعزاز أوليائه وإذلال أعدائه. وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتحقيق مضمون الكلام، وتربية المهابة. والله تعالى أعلم.
الإشارة : إذا عَلِمَ العبدُ أن الله كاف جميع عباده، وثق بضمانه، فاستراح من تعبه، وأزال الهموم والأكدار عن قلبه، فيدخل جنة الرضا والتسليم، ويهب عليه من روح الوصال وريحان الجمال نسيم، فيكتفي بالله، ويقنع بعلم الله، ويثق بضمانه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٦٢