و " ممسكات " على التأنيث، بعد قوله :﴿ويُخوفونك بالذين من دونه﴾ ؛ لأنهن إناث، وهن اللات، والعزّى، ومناة، وفيه تهكّم بهم، وبمعبودهم ؛ حيث جعلهم يعبدون الإناث.
﴿قُل حَسْبِيَ اللهُ﴾ أي : كافيني في جميع أموري من إصابة الخير ودفع الشر. رُوي أنه ﷺ لما سألهم سكتوا، فنزلت :﴿قل حسبي الله عليه يتوكلُ المتوكلون﴾، لا على غيره أصلاً ؛ لعلمهم بأن كل ما سواه تحت قهر ملكوته.
الإشارة : الناس على قسمين : أعداء وأحباب، فإن نظرت إلى الأعداء وجدتهم لا يقدرون أن ينفعوك بشيء إلا ما قدّر الله لك، وإن نظرت إلى الأعداء وجدتهم لا يقدرون أن يضروك بشيء إلا ما قدّر الله عليك، فارفض الجميع، وتعلّق بالله بغنك عن غيره، ويوصل إليك ما قسم لك بالعز والهناء.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٦٣
يقول الحق جلّ جلاله :﴿قُلْ يا قوم اعملوا على مكانَتِكُمْ﴾ أي : على حالتكم التي أنتم عليها، وجهتكم من العداوة التي تمكنتم فيها، فالمكانة بمعنى المكان، فاستعيرت من العين للمعنى، وهي الحال، كما تستعار " هنا ". و " حيث " للزمان، وإنما وضعا للمكان. وقرأ أبو بكر وحمَّادِ :" مكانات " بالجمع. ﴿إِني عامل﴾ على مكانتي، فحذف للاختصار، والمبالغةِ في الوعيد، والإشعار بأن حاله لا تزال تزداد قوة بنصر الله تعالى له، وتأييده، ولذلك توعّدهم بقوله :﴿فسوف تعلمون مَن يأتيه عذاب يُخْزِيه﴾ ؛ فإنَّ خزي أعدائه دليل غلبته ﷺ ونصره في الدنيا والآخرة. وقد أخزاهم وعذّبهم يوم بدر، ﴿و﴾ سوف تعلمون أيضاً مَن ﴿يَحِلُّ عليه عذابٌ مقيمٌ﴾ في الآخرة ؛ لأنه مقيم على الدوام.