الإشارة : الله يتوفى الأنفس المطهرة إلى حضرة قدسه، حين موتها من الهوى، ويقبض الأنفس التي لم تمت من حظوظها في سجن الأكوان، وهيكل ذاتها، في حال منام غفلتها، فيمسك التي قضى عليها الموت في حضرة قدسه، فلا يردها إلى شهود حضرة الأشباح ويرسل الأخرى تجول في حضرة الأشباح وأودية الدنيا، إلى أجل مسمًّى، إما موتها الحسي أو المعنوي، إن سبقت لها سابقة عناية.
٢٦٦
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٦٥
يقول الحق جلّ جلاله :﴿أَمِ اتخذوا﴾ أي : قريش ﴿من دون الله شفعاء﴾، فيزعمون أن أصنامهم تشفع لهم عند الله، أي : إنهم اتخذوا ـ على زعمهم ـ من دون الله شفعاء بحكمهم، لا بتعريف من قِبل الله وإخبار، فإن الله لا يقبل الشفاعة من أحد إلا بإذن منه، وإن الذين يقولون ذلك افتراء على الله. ﴿قُل أَوَلَوْ كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون﴾، الهمزة لإنكار الواقع واستقباحه، والتوبيخ عليه، أي : قل : أتتخذونهم شفعاء ولو كانوا لا يملكون شيئاً من الأشياء ولا يعقلون شيئاً، فضلاً عن أن يملكوا الشفاعة عند الله تعالى.
﴿قُل﴾ تبكيتاً وتجهيلاً لهم :﴿للهِ الشفاعةُ جميعاً﴾ أي : هو مالكها، ولا يقدر أحد أن يتصدّى لها، إلا أن يكون المشفوع له مرتضىً، والشفيع مأذوناً، وكلاهما مفقود في أصنامهم، ثم قرر اختصاصه بالشفاعة بقوله :﴿له ملكُ السماوات والأرض﴾ أي : له التصرف فيهما، وفيما فيهما من المخلوقات، لا يملك أحد أن يتكلم في أمر من أموره بدون إذنه ورضاه، ﴿ثم إليه تُرجعون﴾ يوم القيامة، لا إلى أحد سواه، فيفعل يومئذ ما يريد.
قال النسفي :﴿له ملك السماوات والأرض﴾ اليوم ﴿ثم إليه تُرجعون﴾ يوم القيامة، فلا يكون المُلك في ذلك اليوم إِلاّ له، فله المُلك في الدنيا والآخرة. هـ.


الصفحة التالية
Icon