وعن ابن المسيّب :" ما أعرفُ آية قرئت فدعى عندها إلا أجيب سوى هذه ". يعني أنه ﷺ دعا الله أن يحكم بينه وبين عدوه بالاستئصال، فأمهل ؛ لأنه رحمة. وعن الربيع بن خثيم ـ وكان قليل الكلام ـ : أنه أُخبر بقتل الحسين رضي الله عنه، وقالوا : الآن يتكلم، فما زاد على أن قال : أَوَقد فعلوا ؟ وقرأ :﴿اللهم فاطر السماوات والأرض﴾... الآية، ثم قال على إثرها : قُتِل مَن كان رسول الله ﷺ يُجلسه في حجره، ويُقبِّل فاه. هـ.
الإشارة : ينبغي للمؤمن أن يكون متعاكساً مع المشرك، إذا سمع كلمة التوحيد
٢٦٨
" لا إله إلا الله " فرح وانبسط، وإذا ذكر اللغو واللعب اشمأز وانقبض، والعابد أو الزاهد إذا سَمِعَ ما يدل على الطاعة والاستعداد للآخرة فرح ونشط، وإذا سمع ما يدلّ على الدنيا والبطالة اشمأز وانقبض، والمريد السائر، إذا سمع ما يقرب إلى الله فرح وانبسط، وإذا سمع ما يُبعد عند من ذكره السِّوى اشمأز وانقبض، وأما الواصل الكامل فلا ينقبض من شيء ؛ لزيادته إلى الله بكل شيء ؛ لأنه عرف الله في كل شيء، وسمع منه في كل شيء، فلا يحجبه عن الله شيء، قد فنيت دائرة حسه، واتسعت دائرة معرفته، يأخذ النصيب من كل شيء، ولا يأخذ النصيبَ منه شيء.
قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : في بعض كتب الله المنزلة على أنبيائه، يقول الله تعالى : مَن أطاعني في كل شيء، بهجرانه لكل شيء، أطعته في كل شيء، بأن أتجلى له دون كل شيء، حتى يراني أقرب إليه من كل شيء. هذه طريق أُولى، وهي طريق السالكين. وطريق أخرى كبرى : مَن أطاعني في كل شيء، بإقباله علي كل شيء، لحسن إرادة مولاه في كل شيء، أطعته في كل شيء، بأن أتجلّى له في كل شيء، حتى يراني كأني كل شيء. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٦٧