وفي الإحياء : مَن اعتقد في ذات الله وصفاته وأفعاله خلاف الحق، وخلاف ما هو عليه ؛ إما برأيه أو معقوله ونظره، الذي به يجادل، وعليه يعول، وبه يغتر، وإما بالتقليد، فمَن هذا حاله ربما ينكشف له حال الموت بطلان ما اعتقده جهلاً، فيتطرّق له أن كل ما اعتقده لا أصل له، فيكون ذلك سبباً في شكه عند خروج روحه، فيختم له بسوء الخاتمة، وهذا هو المراد بقوله تعالى :﴿وبَدَا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون﴾ وبقوله :﴿هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً﴾ [الكهف : ١٠٣]... الآية. انظر عبارته في كتاب الخوف، وقريباً منه في القوت، عصمنا الله من سوء القضاء، وختم لنا بالسعادة التامة بمنِّه وكرمه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٦٩
يقول الحق جلّ جلاله :﴿فإِذا مَسَّ الإِنسانَ﴾ أي : جنسه ﴿ضُرٌّ﴾ : فقر أو غيره ﴿دعانا﴾ معرضاً عما سوانا. والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، من ذكر حالتي أهل الشرك القبيحتين، وما بينهما اعتراض مؤكد للإنكار عليهم، أي : إنهم يشمئزون عن ذكر الله وحده، ويستبشرون بذكر الآلهة، فإذا مسّهم الضر دعوا مَن اشمأزوا عن ذكره، دون مَن استبشروا بذكره، فناقضوا فعلهم.
فإن قلت : حق الاعتراض أن يؤكّد المعترَض بينه وبينه ؟ قلت : ما في الاعتراض من دعاء الرسول ﷺ ربه، بأمر من الله، وقوله :﴿أنت تحكم بين عبادك﴾، ثم ما عقّبه من الوعد العظيم، تأكيد لإنكار اشمئزازهم، واستبشارهم، ورجوعهم إلى الله في الشدائد، دون آلهتهم، كأنه قيل : قل : يا ربّ لا يحكم بيني وبين هؤلاء، الذين يجترئون عليك مثل هذه الجراءة، إلا أنت، ثم هددهم بقوله : ولو أن لهؤلاء الظلمة ما في الأرض جميعاً لافتدوا به. انظر النسفي.
٢٧٠