﴿ثم إِذا خوَّلناه نعمةً منا﴾ : أعطيناه إياها، تفضُّلاً ؛ فإن التخويل مختص به، لا يطلق على ما أعطى جزاء، فإذا أعطيناه ذلك ﴿قال إِنما أُوتيته﴾ أي : ذلك التخويل أو الإنعام ﴿على عِلْم﴾ مني بوجوه كسبه، كما قال قارون :﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِى﴾ [القصص : ٧٨] أو : على علم مني بأني سأُعطاه، لِما فيّ من فضل واستحقاق، أو : على علم من الله تعالى باستحقاقي لذلك المال، فتذكير الضمير إما لعوده على التخويل المأخوذ من ﴿خولناه﴾، أو : بتأويل النعمة بمعنى الإنعام، أو : المراد بشيء من النعمة، أو : يعود على " ما " إذا قلنا : موصولة، لا كافة، أي : إن الذي أوتيته على علم مني.
قال تعالى :﴿بل هي فتنةٌ﴾ أي : ليس ما خوَّلناه نعمة ؛ بل هي محنة وابتلاء له ؛ ليظهر كفره أو شكره. ولما كان الخبر مؤنثاً ساغ تأنيث المبتدأ لأجله، وقرىء :" بل هم فتنة ". ﴿ولكنَّ أكْثَرَهُم لا يعلمون﴾ أنَّ الأمر كذلك، وأنَّ التخويل إنما كان فتنة، وفيه دلالة على أن المراد بالإنسان الجنس.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٠