قد قالها الذين مِن قبلهم} أي : قد قال هذه المقالة، وهي :﴿إنما أوتيته على علم﴾ من قبلهم، كقارون وقومه، قال قارون :﴿إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص : ٧٨] وقومه راضون بمقالته، فكأنهم قالوها معه. ويجوز أن يكون في الأمم الخالية آخرون قائلون مثلها. ﴿فما أَغنى عنهم ما كانوا يكسبون﴾ من متاع الدنيا، وما جمعوا منها شيئاً حتى ينزل بهم العذاب، ﴿فأصابهم سيئاتُ ما كَسَبُوا﴾ أي : جزاء سيئات ما كسبوا، وهو العذاب في الدنيا والآخرة، أو : سمّي جزاء السيئة سيئة ؛ للازدواج، كقوله :﴿وَجَزآؤُاْ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا﴾ [الشورى : ٤٠] أي : فأصابهم وبال ما كسبوا، ﴿والذين ظلموا من هؤلاء﴾ : المشركين، يعني قريشاً، ﴿سيُصِيبهُم سيئاتُ ما كسبوا﴾ من الكفر والمعاصي، كما أصاب أولئك. والسين للتأكيد. وقد أصابهم ذلك، حيث قحطوا سبع سنين، وقتل صناديدهم يوم بدر. ﴿وما هم بمُعْجزين﴾ : بفائتين من عذاب الله.
الإشارة : هذه الخصال الذميمة تُوجد في كثير من هذه الأمة، إذا أصابت العبد شدة أو قهرية رجع إلى الله، فإذا فرّج عنه بسب عادي كما هو دأب عالم الحكمة، أسند الفرج إلى ذلك السبب، فيقول : فلان فرّج عني، أو الدواء الفلاني شفاني، وهو شرك، كاد أن يكون جليّاً. والواجب : النظر إلى فعل الله وقدرته، وإسقاط الوسائط من نظره، ولو وجدت حكمةً، فالكمال فعلها وجوداً، والغيبة عنها شهوداً. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٠
٢٧١


الصفحة التالية
Icon