فقيل : يخلد في النار، وقيل : في المشيئة. هـ. وقال أبو الحجاج الضرير رحمه الله :
وتوبةُ الكافرِ تمحُو اِثْمَه
لا خلافَ فيه بين الأُمَّهْ>> وتوبةُ العاصي على الإِرجاءِ
وقيلَ كالأول بالسواءِ>> إذ لا يكونُ دونه في الحالِ
وَهُوَ عندي أحسنُ الأقوالِ>> دليلُه : تتابعُ الظواهِرْ
شاملةٌ مسلمٌ وكافرْ
﴿وأَسْلِمُوا له﴾ أي : اخضعوا له، وانقادوا لأمره. قال القشيري : أي : أَخلصوا في طاعتكم، والإسلامُ ـ الذي هو الإخلاص بعد الإنابة ـ : هو أن يعلم نجاته بفضلِه، لا بإنابته ؛ فبفضله يصل إلى إثابته، لا بإنابته يصل إلى فضله. هـ. ﴿من قبل أن يأتيكم العذابُ﴾ في الدنيا، أو في الآخرة، إن لم تتوبوا قبل نزول العقاب. قال القشيري : العذاب هنا، قيل : الفراق، وقيل : هو أن يفوتَه وقت الرجوعِ بسوء الإياس. هـ. ﴿ثم لا تُنصرون﴾ : لا تُمنعون منه أبداً.
الإشارة : لا يعظم عندك الذنب عظمة تصدك عن حسن الظن بالله، فإن مَن استحضر عظمة ربه صغر في عينه كل شيء. وتذكر قضية الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً، ثم سأل راهباً : هل له توبة ؟ فقال : لا، فكمل به المائة، ثم سأل عارفاً، فقال له : ومَن يحول بينك وبينها ؟ لكن اخرج من القرية التي كنت تعصي فيها، واذهب إلى قوم يعبدون الله في مكان، فذهب، فأدركه الموت في الطريق، فلما أحسّ بالموت انحاز بصدره إلى القرية التي قصدها، ثم مات، فاختصمت فيه ملائكة العذاب وملائكة الرحمة فقال لهم الحق تعالى : قيسوا من القرية التي خرج منها، إلى القرية التي قصدها، فإلى أيهما هو أقرب هو منها ؟ فوجدوه أقرب إلى القرية التي قصدها بشبر، فأخذته ملائكة الرحمة. إلى غير ذلك من الحكايات التي لا تحصى في هذا المعنى.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٢