وتأمل قضية الشاب الذي أتى النبي ﷺ يبكي، فقال :" ما يبكيك ؟ " قال : ذنوبي. فقال له عليه السلام :" إن الله يغفر ذنوبك، ولو كانت مثل السماوات السبع، والأرضين السبع، والجبال الرواسي "، فقال : يا رسول الله، ذنب من ذنوبي أعظم من السماوات السبع والأرضين السبع، فقال له :" ذنوبك أعظم أو العرش ؟ " قال : ذنوبي، فقال له :" ذنوبك أعظم أو الكرسي ؟ " قال : ذنوبي، فقال :" ذنوبك أعظم أو إلهك ؟ " فقال : الله أعظم، فقال :" فأخبرني عن ذنبك " قال : إني أستحيي، فقال :" فأخبرني "، فقال : إني كنت نبّاشاً أنبش القبور منذ سبع سنين، حتى ماتت جارية من بنات الأنصار، فنبشتها، وأخرجتها من كفنها، فمضيت، ثم غلبني الشيطان، فرجعت، فجامعتها، فقامت الجارية، وقالت : الويل لك يا شاب من دَيّان يوم الدين، يوم يضع كرسيه للقضاء، يأخذ من الظالم للمظلوم،
٢٧٤
تركتني عريانة في عساكر الموتى، وأوقفتني جُنباً بين يدي الله، فقام النبي ﷺ وهو يضرب في قفاه، وهو يقول :" يا فاسق، اخرج، ما أقربك من النار "، فخرج الشاب تائباً إلى الله تعالى، حتى أتى عليه ما شاء الله، ثم قال : يا إله محمد وآدم وحواء، إن كنت غفرت لي فأَعْلِم محمداً وأصحابه، وإلا فأرسل عليَّ ناراً من السماء فأحرقني بها، ونجِّني من عذاب الآخرة، فجاء جبريل : فقال : السلام يقرئك السلام، فقال :" هو السلام وإليه يعود السلام "، قال : يقول أأنت خلقت خلقي ؟ قال :" بل هو الذي خلقهم " قال : يقول : ترزقهم ؟ قال :" بل هو الذي يرزقهم "، قال : يقول : أأنت تتوب عليهم ؟ قال :" بل هو الذي يتوب عليهم " قال : فتب على عبدي، فإني تبتُ عليه، فدعا النبي ﷺ الشاب، وتاب عليه، وقال :" إن الله هو التوّاب الرحيم " هـ. ذكره السمرقندي والثعلبي.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٢