السِّباق السِّبَاقَ قَوْلاً وفِعلاً
حَذِرِ النفسَ حَسْرَةَ المسْبُوقِ
وهو معنى قوله :﴿أن تقول نفس﴾ كانت مُقصِّرة في الدنيا :﴿يا حسرتا على ما فرطتُ في جنب الله﴾ أي : في السير إلى معرفة ذاته، ﴿وإِن كنت لمن الساخرين﴾ ممن
٢٧٦
يتعاطى ذلك، ويخرب ظاهره لتعمير باطنه، فكنت أسخر منه وأضحك عليه، أو تحتج بالقدر، فتقول : لو أن الله هداني لسلوك طريقه لكنت من المتقين الكاملين في التقوى. ولا ينفع الاحتجاج بالقدر في دار التكليف مع بيان الطريق. أو تقول حين ترى العذاب، وهو فراق الأحباب والتخلُّف عنهم : لو أن لي كرة إلى الدنيا، فأجهد نفسي حتى أكون من أهل الإحسان، الذين يعبدون الله على العيان، بلى قد جاءتك آياتي، وهم الدعاة إليَّ في كل زمان ﴿ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها﴾، فكذَّبتَ بها، واستكبرتَ عن الخضوع لهم، وكنت من الجاحدين لطريق التربية.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٧٥
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ويومَ القيامة ترى الذين كَذَبوا على الله﴾، بأن وصفوه بما لا يليق بشأنه، كاتخاذ الولد والشريك ونفي الصفات عنه، ﴿وجُوهُهُم مسودةٌ﴾ بما ينالهم من الشدة والكآبة. والجملة : حال، على أن الرؤية بصرية، أو : مفعول ثان لها، إن كانت علمية. ﴿أليس في جهنم مَثْوىً﴾ أي : مقام ﴿للمتكبرين﴾ عن الإيمان والطاعة، وهو إشارة إلى قوله :﴿واستكبرت﴾، ولا ينافي إشعاره بأن تكبرهم علة لاستحقاقهم النار أن يكون دخولهم فيها ؛ لأجل أن كلمة العذاب حقَّتْ عليهم ؛ لأن كبرهم مسبب عنها.