الإشارة : ما عرف لله حق معرفته مَن أثبت الكائنات معه، وهي ممحوة بأحدية ذاته، لا وجود لها معه على التحقيق، فالأرض قبضة أسرار ذاته، والسماوات محيطاتُ أفلاك أنواره، وبحر الذات مطبق على الجميع، ماحٍ للكل، وأنشدوا :
فالكلُّ دونَ اللهِ إِنْ حققتَه
عدمٌ على التفصيل والإجمالِ>> واعلمْ بأنك والعوالِمَ كلَّها
لولاه في محوٍ وفي اضمحلالِ>> مَن لا وجودَ لذاتِه من ذاتِه
فوجودُه لولاه عينُ مُحالِ
٢٨١
وقال آخر :
مَن أَبْصَرَ الخلقَ كالسَّراب
فقد تَرَقَّى عن الحِجَابِ>> إِلى وُجودٍ تراه رَتْقاً
بلا ابتعادٍ ولا اقْترابِ
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٨٠
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ونُفخ في الصُّورِ﴾ النفخة الأولى ﴿فصَعِقَ مَنْ في السماوات ومَنْ في الأرض﴾ أي : خرّ ميتاً، أو مغشياً عليه، ﴿إِلا مَن شاء اللهُ﴾ قيل : جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ثم يُميتهم الله بعد ذلك، وقيل : حمَلَة العرش، وقيل : خزَنة النار والجنة.
﴿ثم نُفخ فيه أُخرى﴾ هي النفخة الثانية. و " أخرى " : في محل الرفع صفة لمحذوف، أي : نفخ نفخة أخرى، ﴿فإِذا هم قيام﴾ من قبورهم، حال كونهم إذا فاجأهم خطب ﴿ينظرون﴾ ؛ يُقلبون أبصارهم في الجوانب الأربعة، كالمبهوتين، أو : ينظرون ما يفعل بهم، ودلت الآية على أن النفخة اثنتان ؛ للموت، والبعث، وقيل : ثلاث ؛ للفزع، والموت، والبعث.


الصفحة التالية
Icon