وقال أيضاً : لمَّا خلق الله حملة العرش، قال لهم : احملوا عرشي ؛ فلم يطيقوا، فخلق الله مع كل ملك من أعوانهم مثل جنود مَن في السموات ومَن في الأرض مِن الخلق، فقال لهم : احملوا عرشي، فلم يطيقوا، فخلق مع كل واحد منهم مثل جنود سبع سموات وسبع أرضين، وما في الأرض من عدد الحصى والثرى، فقال : احملوا عرشي، فلم يطيقوا، فقال : قولوا : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فقالوها، فاستقلوا عرش ربنا، أي : لَمَّا حملوه بالله أطاقوه، فلم يحمل عرشه إلا قدرته، وفي الحديث :" إن الله أمر جميع الملائكة أن يَغدُوا، ويَرُوحوا بالسلام على حملة العرش، تفضيلاً لهم على سائر الملائكة ". وقال وهب بن منبه : حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة، صف خلف صف، يدورون حول العرش، يطوفون به، يُقبل هؤلاء، ويُدبر هؤلاء، فإذا استقبل بعضهم بعضاً، هلّل هؤلاء، وكبَّر هؤلاء، ومِن ورائهم سبعون ألف صف قيام، أيديهم إلى أعناقهم، قد وضعوها على عواتقهم، فإذا سمعوا تكبير هؤلاء وتهليلهم، رفعوا أصواتهم، فقالوا : سبحانك وبحمدك ما أعظمك وأجلَّك، أنت الله لا إله غيرك، أنت الأكبر، الخلقُ كلهم راجون رحمتك، ومِن وراء هؤلاء مائة ألف صف من الملائكة، قد وضعوا اليمنى على اليسرى، ليس منهم أحد إلا يُسبح الله ـ تعالى ـ بتسبيح لا يُسبحه الآخر، ما بين جناحي أحدهم مسيرة ثلاثمائة عام، واحتجب الله عزّ وجل ـ بينه وبين الملائكة الذين هم حول العرش ـ بسبعين حجاباً من ظُلمة، وسبعين حجاباً من نور، وسبعين حجاباً من دُرٍّ أبيض، وسبعين حجاباً من ياقوتٍ أحمر، وسبعين حجاباً من زمُردٍ أخضر، وسبعين حجاباً من ثلجٍ، وسبعين حجاباً من ماءٍ، إلى ما لا يعلمه إلا الله تعالى. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٨٩


الصفحة التالية
Icon