يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِن الذين كفروا يُنَادَوْنَ﴾ يوم القيامة، من قِبل الخزنة ـ وهم في النار :﴿لَمقْتُ الله﴾ إياكم اليوم، وإهانته لكم، ﴿أكْبرُ من مقتكم أنفسَكُم﴾ في الدنيا، حيث حرمتموها الإيمان وعرضتموها للهوان، ﴿إِذْ تُدْعَون إلى الإِيمان﴾ من قِبَل الرسل ﴿فتكفرون﴾، والحاصل : أنهم مقتوا أنفسهم في الدنيا، وأهانوها، حيث لم يؤمنوا، فإذا دخلوا النار حصل لهم من المقت والغضب من الله أشد وأعظم من ذلك، فـ " إذا " : ظرف للمقت الثاني، لا الأول، على المشهور.
﴿قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ أي : إماتتين وإحياءتين، أو : موتتين وحياتين. قال ابن عباس : كانوا أمواتاً في الأصلاب، ثم أحياهم، ثم أماتهم الموتة التي لا بُد منها، ثم أحياهم للبعث يوم القيامة، وهذا كقوله تعالى :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ...﴾ [البقرة : ٢٨] الآية. قال السدي : أُميتوا في الدنيا، ثم أُحْيوا في قبورهم للسؤال، ثم أُميتوا في قبورهم، ثم أُحيوا في الآخرة.
والحاصل : أنهم أجابوا : بأن الأنبياء دعوهم إلى الإيمان بالله واليوم الآخر، وكانوا يعتقدون ما يعتقده الدهرية : ألاَّ حياة بعد بالموت، فلم يلتفتوا إلى دعوتهم، وداموا على
٢٩٣


الصفحة التالية
Icon