قال تعالى :﴿اليوم تُجزَى كلُّ نَفْس﴾ من النفوس البرّة والفاجرة، ﴿بما كسبتْ﴾ من خير أو شر، وهذا من تتمة الجواب، أو : حكاية لما سيقوله تعالى يومئذ عقب السؤال والجواب، ﴿لا ظُلمَ اليومَ﴾ بنقص ثواب أو زيادة عذاب، ﴿إِن الله سريعُ الحساب﴾ ؛ لأنه لا يشغله شأن عن شأن، فكما أنه يرزقهم دفعة، يُحاسبهم دفعة، فيحاسب الخلق قاطبة في أقرب زمان، كما نُقل عن ابن عباس : أنه تعالى إذا أخذ في حسابهم لم يقِلْ أهلُ الجنة إلا فيها، وأهل النار إلا فهيا. هـ.
قلت : المراد بالحساب : إظهار ما يستحق كل واحد من النعيم أو العذاب، وأما ما ورد من طول المكث في المحشر على الكفار والفجّار ؛ فإنما ذلك تعذيب بعد فراغ المحاسبة. والله تعالى أعلم.
الإشارة : هو الذي يُريكم آياته الدالة على توحيده، ويُنزل لكم من سماء الغيوب علماً، تتقوّت به قلوبكم وأرواحكم، فتغيبون في مشاهدة المدلول عن الدليل، وما يتذكّر بهذا ويهتدِ إليه إلا مَن يُنيب، ويصحب أهل الإنابة. فادعوا الله، أي : اعبدوه وادعوا إلى عبادته وإخلاص العمل، ولو كره الجاحدون، فإنَّ الله رفيع درجاتِ الداعين إليه مع المقربين، في مقعد صدق عند ذي العرش المجيد. قال القشيري : يرفع درجات المطيعين بظواهرهم في الجنة، ودرجات العارفين بقلوبهم في الدنيا، فيرفع درجتهم عن النظر إلى الكونين، والمساكنة إليهما، وأما المحبُّون فيرفع درجتهم عن أن يطلبوا في الدنيا والعقبى شيئاً غير رضا محبوبهم. هـ.


الصفحة التالية
Icon