يُلْقِي الروح من أمره على مَن يشاء من عباده، هو وحي أحكام للأنبياء، ووحي إلهام للأولياء، فيحيي الله بهم الدين في كل زمان، وقال القشيري : بعد كلام : ويقال : روح النبوة، وروح الرسالة، وروح الولاية، وروح المعرفة. هـ. والمراد بالروح : مطلق الوحي، ليُنذر الداعي يومَ التلاقي، فيحصل اللقاء السرمدي مع الحبيب للمقربين، ويحصل الافتراق والبُعد للغافلين، حين تبرز الخلائق بين يدَي الله، لا دعوى لأحد يومئذ، فيقول الحق تعالى :﴿لمَن الملك اليوم لله الواحِد القهَّار﴾.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٥
قال القشيري : لا يتقيّد مُلْكُه بيومٍ، ولا يختصُّ بوقتٍ، ولكنَّ دَعَاوَى الخلقِ ـ اليوم ـ لا أصلَ لها، ترتفع غداً، وتنقطع تلك الأوهام. هـ. ومثله في الإحياء، وأنه إذا كشف الغطاء شهد الأمر كذلك، كما كان كل يوم، لا في خصوص ذلك اليوم. فإذا حصل للعبد مقام الفناء، لم يرَ في الدارين إلا الله، فيقول : لمَن المُلكُ اليوم ؟ فيجيب : لله الواحدِ القهّار. اليوم تُجزَى كُلُّ نفس بما كسبت من التقريب أو الإبعاد. قال القشيري :
٢٩٧
يجازيهم على أعمالهم الجنانَ، وعلى أحوالهم الرضوان، وعلى أنفاسهم ـ أي : على حفظ أنفاسهم ـ القُرب، وعلى محبتهم الرؤية، ويجازي المذنبين على توبتهم الغفران، وعلى بكائهم الضياء والشفاء. هـ. لا ظُلم اليوم، بل كل واحد يرتفع على قدر سعيه اليوم.
وقوله تعالى :﴿إِنَّ الله سريعُ الحساب﴾ قال القشيري : وسريعُ الحساب مع أوليائه في الحال، يُطالبهم بالنقير والقطمير. هـ. قلت : يدقق عليهم الحساب في الحال، ويرفع مقدارهم في المآل. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٥


الصفحة التالية
Icon