من جهة خرق العادة، وكونها حجة من حيث الدلالة على صدق صاحبها، وإما أن يريد بالسلطان، بعض مشاهيرها، كالعصا، أُفردت بالذكر مع اندراجها تحت الآيات ؛ لعِظمها. وقال ابن عرفة : الآيات : المعجزات، والسلطان المبين، راجع إلى التحدي بها، فهو من قبيل الإدعاج، أو : يكون السلطان راجعاً إلى ظهورها ؛ إذ ليس من شرطها الظهور، أو : يرجع إلى نتيجتها، هو الغلبة والنصر. هـ.
أرسل ﴿إِلى فرعونَ وهامانَ وقارونَ فقالوا﴾ فيما أظهره، أو : فيما ادّعاه من الرسالة : هو ﴿ساحر كذَّابٌ فلمَّا جاءهم بالحقِ مِن عندنا﴾ وهو الوحي والرسالة، ﴿قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه﴾ أي : صبيانهم الذكور، ﴿واستحيُوا نساءَهم﴾ للخدمة، أي : أَعيدوا عليهم القتل الذي كنتم تفعلونه أولاً، وكان فرعون قد كفَّ عن قتل الولدان ؛ لئلا تعطل خدمته، فلما بُعث عليه السلام، وأحسَّ بأنه قد وقع ما توقع، أعاده عليهم غيظاً، وحُمقاً، وزعماً منه أن يصدهم بذلك عن مظاهرته. ﴿وما كيدُ الكافرين إِلا في ضلالٍ﴾ ؛ في ضياع وبطلان، فإنهم باشروا قتلهم أولاً، فما أغنى عنهم، ونفذ قضاء الله بإظهار مَن خافوه، فما يغني عنهم هذا القتل الثاني، فلم يعلم أن كيده ضائع في الكَرّتين، واللام : إما للعهد المتقدم، والإظهار في موضع الإضمار ؛ لذمهم بالكفر، والإشعار بعلة الحكم، أو : للجنس وهم داخلون فيه دخولاً أوليّاً. والجملة : اعتراض جيء بها في تضاعيف ما حكى عنهم من الأباطيل ؛ للمسارعة إلى بيان بطلان ما أظهروه من الإبراق والإرعاد الذي لا طائل تحته.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٠١


الصفحة التالية
Icon