يقول الحق جلّ جلاله : حاكياً لقول المؤمن :﴿ولقد جاءكم يوسُف﴾، هو ابن يعقوب، وقيل : يوسف بن إفراثيم بن يوسف بن يعقوب، أقام فيهم نبيّاً عشرين سنة، وقال وهب : فرعون موسى هو فرعون يوسف، عمَّر إلى زمنه، وقيل : هو فرعون آخر ؛ لأن كل مَن ملك مصر يُقال له فرعون، وهذا أظهر. وقول الجلال المحلي : هو يوسف بن يعقوب في قولٍ، عمّر إلى زمنه، سهو. وإنما قيل ذلك في فرعون لا في يوسف.
قلت : والتحقيق : أنه وبّخهم بما فعل أسلافهم ؛ لأنهم على مِنوالهم، راضون بما
٣٠٦
فعلوا، فالمراد بيوسف، هو الصِّدِّيق، فما زالوا مترددين في رسالته حتى مات، واستمر خلفهم على ذلك إلى زمن موسى، وقوله تعالى :﴿من قبلُ﴾ أي : من قبل موسى، أي : جاءكم يوسف ﴿بالبينات﴾ ؛ بالمعجزات الواضحة، كتعبير الرؤيا، ودلائل التوحيد، كقوله :﴿ءَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ...﴾ [يوسف : ٣٩] الآية، وملكه أموالهم ورقابهم في زمن المسبغة، وغير ذلك مما دلّ على رسالته. ﴿فما زلتم في شكٍّ مما جاءكم به﴾ من الدين ﴿حتى إِذا هَلَكَ﴾ بالموت ﴿قُلْتم لن يبعثَ الله من بعده رسولاً﴾، حكماً من عند أنفسكم، من غير برهان، أي : أقمتم على كفركم، وظننتم أن لا يجدّد عليكم إيجاب الحجة.
قال القشيري : يقال : إن تكذيبهم وتكذيب سلفهم للأنبياء ـ عليهم السلام ـ كان قديماً حتى أهلكهم، كذلك يفعل بهؤلاء. هـ.
﴿كذلك يُضِلُّ الله مَن هو مُسْرِفٌ مرتابٌ﴾ أي : مثل ذلك الإضلل الفظيع يُضل الله مَن هو مسرف في عصيانه، شاكّ في دينه، لم يتفكّر فيما شهدت البينات بصحته ؛ لِغلبة الوهم، والانهماك في التقليد.


الصفحة التالية
Icon