ثم ذكر الأعمال التي تُبعد عنها أو تُقرب إليها، فقال :﴿مَن عَمِلَ سيئةً﴾ في الدنيا ﴿فلا يُجزَى﴾ في الآخرة ﴿إِلا مثلَها﴾ عدلاً من الله تعالى. قال القشيري : له مثلها في المقدار، لا في الصفة ؛ لأن الأولى سيئة، والمكافأة حسنة ليست بسيئة. هـ. وقال ابن عرفة : في توفيه مماثلة العذاب الأبدي على كفر ساعة تتصور المماثلة، إما باعتبار نيته الكفر دواماً، وإما بأن يقال : ليس المراد المماثلة عقلاً، بل المماثلة شرعاً. وفي الإحياء : قال الحسن : إنما خُلِّد أهل الجنة في الجنة، وأهل النار، في النار، بالنية، وهو ـ والله أعلم ـ مقتبس من قوله تعالى :﴿أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ﴾ [إبراهيم : ٤٤]. هـ. قاله المحشي.
﴿ومَن عَمِلَ صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فأولئك﴾ الذين عملوا ذلك ﴿يدخلون الجنةَ يُرزقون فيها بغير حسابٍ﴾ أي : بغير تقدير، وموازنة بالعمل، بل بأضعافٍ مضاعفة، فضلاً من الله ـ عزّ وجل ـ ورحمة. قال القشيري : أي : مؤبداً مخلَّداً، لا يخرجون من الجنة، ولا مما هم عليه من الحال. هـ. وجعل العمل عمدة، والإيمان حالاً ؛ للإيذان بأنه لا عبرة بالعمل بدونه. وأنَّ ثوابه أعلى من ذلك.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٠٩
الإشارة : قال الورتجبي : سبيل الرشاد : طريق المعرفة، ومعرفة الله تعالى : موافقته ومتابعة أنبيائه وأوليائه، ولا تحصل الموافقة إلا بترك مراد النفس، ولذلك قال :﴿يا قوم إنما هذه الحياة الدينا متاع﴾. قال محمد بن علي الترمذي : لم تزل الدنيا مذمومة في
٣٠٩


الصفحة التالية
Icon