﴿وقال الذين في النار لخزنةِ جهنَّمَ﴾ ؛ للقُوّام بتعذيب أهلها، وإنما لم يقل : لخزنتها ؛ لأن في ذكر جهنم تهويلاً وتفظيعاً، ويحتمل أنّ جهنم هي أبعدُ النار قعراً، من قوله : بئر جَهنام، أي : بعيدة القعر، وفيها أعتى الكفرة وأطغاهم، أو : لكون الملائكة الموكّلين بعذاب أهلها أقدر على الشفاعة ؛ لمزيد قربهم من الله، فلهذا تعمّدوهم بطلب الدعوة، فقالوا لهم :﴿ادعوا ربكم يُخفّفْ عنا يوماً﴾ أي : مقدارَ يوم من الدنيا ﴿من العذابِ﴾، واقتصارهم في الاستدعاء على ما ذكر في تخفيف قدر يسير من العذاب في مقدار قصير من الزمان، دون رفعه رأساً، أو : تخفيف منه في زمان مديد ؛ لأن ذلك عندهم ليس في حيز الإمكان، أو لا يكاد يدخل تحت أمانيهم.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣١٢
قالوا﴾
أي : الخزنة، توبيخاً لهم، بعد مدة طويلة :﴿أَوَلَمْ تَكُ﴾ أي : القصة ﴿تأتيكم رُسلُكم بالبينات﴾ ؛ بالمعجزات، يَتْلُون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا ؟ أرادوا بذلك إلزامهم الحجة، وتوبيخهم على إضاعة أوقات الدعاء، وتعطيل أسباب الإجابة، ﴿قالوا﴾ أي : الكفار :﴿بلى﴾ أتونا بها، فكذبناهم وقلنا : ما نزَّل اللهُ من شيء. ﴿قالوا﴾ أي : الخزنة تهكُّماً بهم :﴿فادْعُوا﴾ أي : إذا كان الأمر كذلك فادعوا أنتم، فإنَّ الدعاء لمَن يفعل ذلك مما يستحيل صدوره. منا. زاد البيضاوي : إذ لم يؤذن لنا في الدعاء لأمثالكم، وبحث معه أبو السعود بأنه يُوهم أن المانع هو عدم الإذن، وأنَّ الإذن في حيز الإمكان، ولا تجوز الشفاعة في كافر. انظره. قال تعالى :﴿وما دعاءُ الكافرين إِلا في ضلالٍ﴾ ؛ في ضياع وبطلان، لا يُجابون فيه ؛ لأنهم دعوا في غير وقته، ويحتمل أن يكون من كلام الخزنة. والله تعالى أعلم.
٣١٣


الصفحة التالية
Icon