الإشارة : الآية تجر ذيلها على كلّ مَن له جاه، فدعا إلى سوء، بمقاله أو حاله، فتبعه العامة على ذلك، فيتحاجُّون يوم القيامة فيقول المستضعفون : إنا كنا لكم تبعاً. فكل مَن أمر بسوء، وفُعِل، عُوقب الآمر والمأمور، وكل مَن فعل فعلاً خارجاً عن السُنَّة، كالرغبة في الدنيا، والتكاثر منها، فتبعه العامة على ذلك، عُوتب الجميع، وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣١٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنَّا لَننصرُ رُسُلَنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا﴾ بالحجّة والظفر، والانتقام لهم من الكفرة، بالاستئصال، والقتل، والسبي، وغير ذلك من العقوبات. ولا يقدح في ذلك ما يتفق لهم من صورة الغلبة، امتحاناً ؛ إذ الحكم للغالب، وهذا كقوله تعالى :﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا...﴾ [الصافات : ١٧١] الآية، وقوله :﴿كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى﴾ [المجادلة : ٢١]. والنصر في الدنيا إما بالسيف، في حق مَن أمر بالجهاد، أو : بالحجة والإهلاك فيمن لم يؤثر به، وبذلك يندفع قول مَن زعم تخصيص الآية أو تعميمها، وإخراجَ زكريا ويحيى من الرسالة، وإنْ ثبت لهما النبوة لقتلهما، وأن الآية، إنما تضمنت نصر الرسل دون الأنبياء، فإنه خلاف لما صرّح به الجمهور من ثبوت الرسالة ليحيى، ففي كلام ابن جزي هنا نظر. قاله المحشي.
﴿ويومَ يقومُ الأشهادُ﴾ أي : وننصرهم يوم القيامة، عبَّر عنه بذلك للإشعار بكيفية النصرة، وأنها تكون حين يجتمع الأولون والآخرون، ويحضره الأشهاد من الملائكة وغيرهم، فيشهدون للأنبياء بالتبليغ، وعلى الكفرة بالتكذيب. قال النسفي : الأشهاد جمع شاهد، كصاحب وأصحاب، يريد : الأنبياء والحفظة، فالأنبياء يشهدون عند رب العزة على الكفرة بالتكذيب، والحفظة يشهدون على بني آدم. هـ.


الصفحة التالية
Icon