بشغل البال بالتعليم، كان في حقه نقصاً يُوجب الاستغفار. ثم قال :﴿وسبّحْ بحمد ربك بالعشيّ والإِبكار﴾ أي : دُم على التسبيح ملتبساً بحمده، أي : قل : سبحان الله وبحمده، أو : صَلّ في هذين الوقتين، إذ كان الواجب بمكة ركعتين بكرة وعشيّاً، وقيل : هما صلاة العصر والفجر، خصصهما لشرفهما.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣١٥
إِنَّ الذين يُجادلون في آياتِ الله﴾
ويجحدونها ﴿بغير سُلطانٍ﴾ ؛ برهان ﴿أتاهُم﴾ من جهته تعالى، بل عناداً وحسداً. وتعليق المجادلة بذلك، مع استحالة إتيانه ؛ للإيذان بأن التكلم في أمر الدين لا بد من استناده إلى برهان، وهذا عام لكل مجادل، محق أو مبطل، وإن نزل في مشركي مكة. وقوله :﴿إِن في صُدورِهم إِلا كِبْرٌ﴾ : خبر " إِنْ "، أي : ما في قلوبهم إلا تكبُّر عن الحق، وتعاظم عنه، وهو إرادةُ التقدم والرئاسة، وألا يكون أحدٌ فوقهم، فلذلك عادوك، ودفعوا آياتك، خيفة أن تتقدمهم، ويكونوا تحت قهرك ؛ لأن النبوة تحتها كُل ملك ورئاسة، أو : إرادة أن تكون لهم النبوة دونك، حسداً وبغياً، كقولهم :﴿لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءَانُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف : ٣١]، ﴿لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ﴾ [الأحقاف : ١١].


الصفحة التالية
Icon