ثم ذكر فضله المتعلق بالمكان، بعد بيان فضله المتعلق بالزمان، فقال :﴿الله الذي جعل لكم الأرضَ قراراً﴾ ؛ مستقراً تستقرون عليها بأقدامكم ومساكنكم، ﴿والسماء بناءً﴾ ؛ سقفاً فوقكم، كالدنيا بيت سقفه السماء، مزيّناً بالمصابيح، وبساطه الأرض، مشتملة على ما يحتاج إليه أهل البيت. ﴿وصوَّركم فأحسنَ صُورَكم﴾، هذا بيان لفضله المتعلق بالأجسام، أي : صوّركم أحسن تصوير، حيث جعلكم مُنتصِبَ القامة، باديَ البشرة، متناسب الأعضاء والتخطيطات، متهيئاً لمناولة الصنائع واكتساب الكمالات. قيل : لمْ
٣١٩
يخلق الله حيواناً أحسن صورة من الإنسان. ﴿ورزقكم من الطيبات﴾ أي : اللذائذ، ﴿ذلكم الله ربكم﴾ أي : ذلكم المنعوت بتلك النعوت الجليلة، هو المستحق للربوبية، ﴿فتبارك الله﴾ أي : تعالى بذاته وصفاته ﴿ربُّ العالمين﴾ أي : مالكهم ومربيهم، والكل تحت قدرته مفتقر إليه في إيجاده وإمداده ؛ إذ لو انقطع إمداده لانْهَدَ الوجود.
﴿هو الحيُّ﴾ ؛ المنفرد بالحياة الذاتية الحقيقية، ﴿لا إِله إِلا هو﴾ ؛ إذْ لا موجود يدانيه في ذاته وصفاته وأفعاله، ﴿فادعوه﴾ ؛ فاعبدوه ﴿مخلِصين له الدينَ﴾ أي : الطاعة من الشرك والرياء، وقولوا :﴿الحمد لله ربِّ العالمين﴾. عن ابن عباس رضي الله عنه : مَن قال " لا إله إلا الله " فليقل على إثرها : الحمد لله رب العالمين.