الإشارة : الأولياء العارفون أهل التربية الكاملة، آية من آيات الله في كل زمان، فيقال في حق مَن يُخاصم في وجوههم، ويتنكّب عن صحبتهم : الذين يُجادلون في آيات الله أنَّى يُصرفون ؟ وهم الذين كذَّبوا بأسرار الكتاب، وعلوم باطنه، وبما أرسل به خلفاء الرسل، ممن يغوص على تلك الأسرار، فسوف يعلمون حين تخاطبهم أغلال الوساوس والخواطر، وسلاسل العلائق والشواغل، فيقبضهم عن النهوض إلى قضاء الشهود والعيان، وجولان الفكرة في أنوار الملكوت وأسرار الجبروت، يُسحبون في حرّ التدبير والاختيار، ثم في نار القطيعة يُسْجَرون، ثم قيل لهم إذا ماتوا : أين ما كنتم تُشركون في المحبة والميل من دون الله ؟ قالوا : ضلُّوا عنا، وغاب عنهم كل ما تمتعوا به من الحظوظ والشهوات، فيقال لهم : ذلكم بما كنتم تنبسطون في الدنيا في أنواع المآكل، والمشارب، والملابس، والمناكح، وبما كنتم تفتخرون على الناس، فيخلدون في الحجاب، إلا في وقت مخصوص. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٢٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿فاصبرْ﴾ يا محمد على أذى قومك، وانتظر ما يلاقوا مما أُعِد لهم. ﴿إِنَّ وعدَ الله﴾ بإهلاكهم وتعذيبهم ﴿حقٌّ﴾ ؛ كائن لا محالة، ﴿فإِما نُريَنَّكَ بعضَ الذي نَعِدُهُم﴾ من الهلاك، كالقتل والأسر في حياتك، ﴿أوْ نتوفينّك﴾ قبل هلاكهم بعدك، ﴿فإِلينا يُرجعون﴾ لا محالة، فـ " ما " : صلة بعد " أن "، لتأكيد الشرطية، والجواب : محذوف، أي : فإن نُرينك بعض ما نعدهم فذاك، أو نتوفينك قبل ذلك فإلينا يُرجعون يوم القيامة، فلننتقم منهم أشد الانتقام.
٣٢٤