﴿ويُريكم آياته﴾ ؛ دلائله الدالة على قدرته ووفور رحمته، ﴿فأيَّ آياتِ الله﴾ أي : فأيّ آية من تلك الآيات الباهرة ﴿تُنكرون﴾ ؟ فإن كُلاًّ منها من الظهور بحيث لا يكاد يجترىء على إنكارها، و " آيات " نصب بتنكرون، وتذكير " أيّ " مع تأنيث المضاف إليه، هو الشائع المستفيض، والتأنيث قليل ؛ لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات، نحو : حمار وحمارة غريب، وهي في " أيّ " أغرب ؛ لإبهامه.
الإشارة : ما أعظم قدرك أيها الإنسان إن اتقيت الله، وعرفت نعمه، فقد سلّطك على ما في الكون بأسره، الحيوانات تخدمك، وتنتفع بها، أكْلاً، وركوباً، وملبساً، وحملاً، والبحر يحملك، والأرض تُقلك، والسماء تُظلك، وما قنع لك بالدنيا حتى ادخر لك الآخرة، التي هي دار الدوام، فإن شكرت هذه النعم فأنت أعز ما في الوجود، وإن كفرتها فأنت أهون ما في الوجود. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٢٥
٣٢٦
يقول الحق جلّ جلاله :﴿أَفَلَمْ يسيروا﴾ أي : أَقعدوا فلم يسيروا ﴿في الأرض﴾ ﴿فينظروا كيف كان عاقبةُ الذين من قبلهم﴾ من الأمم المهْلَكة، ﴿كانوا أكثرَ منهم﴾ عدداً ﴿وأشدَّ قوةً﴾ في الأبدان والأموال، ﴿و﴾ أشد ﴿آثاراً في الأرض﴾ أي : تركوا آثاراً كثيرة بعدهم، من الأبنية، والقبور، والمصانع، فكانوا أشدّ منهم، وقيل : هي آثار أقدامهم في الأرض ؛ لِعظم أجرامهم، ﴿فما أَغْنى عنهم ما كانوا يَكْسِبون﴾ أي : لم يغن عنهم ذلك شيئاً حين نزل بهم العذاب، أو : أي شيء أغنى عنهم مكسوبهم أو كسبهم ؟ على أنَّ " ما " استفهام.


الصفحة التالية
Icon