وجه الأرض بمصابيح، وهي قلوب الأحباب، فأهلُ السماء إذا نظروا إلى قلوب أولياء الله بالليل، فذلك متنزهُهُم، كما أن أهل الأرض إذا نظروا إلى السماء تأنّسوا برؤية الكواكب. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٣١
قلت :﴿وأما ثمود﴾، قراءة الجماعة بالرفع، غير مصروف، إرادة القبيلة، وقراءة الأعمش ويحيى بن وثاب مصروفاً، إرادة الحي، وقراءة ابن أبي إسحاق : بالنصب، من باب الاشتغال، وأصل الكلام : مهما يكن من شيء فثمود هديناهم، فحُذف الملزوم الذي هو الشرط، وأُقيم مقامه لازمه، وهو الجزاء، وأبقيت الفاء المؤذنه بأن ما بعدها لازم لما قبلها، وإلا فليس هذا موضع الفاء ؛ لأن موضعه صدر الجزاء. انظر المُطوّل.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿فإِن أعرضُوا﴾ عن الإيمان بعد هذا البيان ؛ ﴿فقلْ﴾ لهم :﴿أنذرتُكمْ﴾ ؛ خوَّفتكم. وعبّر بالماضي للدلالة على تحقُّق الإنذار المنبىء عن تحقُّق الوقوع، ﴿صاعقةً﴾ أي : عذاباً شديداً لو وقع كان كأنه صاعقة، وأصلها : رعد معه نار تحرق. تكون ﴿مثلَ صاعقةِ عادٍ وثمودَ﴾ وقد تقدّم عذابهما.
﴿إِذ جاءتْهُمُ﴾ : ظرف لمحذوف، أي : أنزلناها بهم حين جاءتهم ﴿الرسلُ من بين أيديهم ومن خلفِهِم﴾ أي : أتوهم من كل جانب، وعملوا فيهم كل حيلة، فلم يروا منهم إلا الإعراض، أو : جاءتهم الرسل قبلهم لآبائهم، وبعدَهم لِمَن خلفهم، أي : تواردت عليهم الرسل قديماً وحديثاً، والمعهود إنما هو هود وصالح ـ عليهما السلام ـ وعن الحسن : أنذروهم من وقائع الله بمَنْ قبلهم من الأمم وعذاب الآخرة، ﴿ألاَّ تعبدوا إِلا اللهَ﴾ أي : بأن لا تعبدوا إلا الله، على أنها مصدرية، أو : لا تعبدوا، على أنها مفسرة، وقيل : مخففة، أي : أنه لا تعبدوا إلا الله. ﴿قالوا لو شاء ربُّنا لأنزل ملائكةً﴾ أي : لو شاء إرسال الرسل لأرسل ملائكة، ولَمَّا كان إرسالهم بطريق الإنزال عبَّر به، {فإِنا بما أُرسلتُم
٣٣٥


الصفحة التالية
Icon