﴿ذلك جزاءُ أعداء الله النارُ﴾ أي : ذلك الأسوأ من الجزاء هو جزاء أعداء الله، وهو النار. فالنار : خبر عن مضمر، أو : عطف بيان للجزاء، والنار : مبتدأ. و ﴿لهم فيها دارُ الخلد﴾ : خبر، أي : النار في نفسها دار الخلد، كما تقول : لك في هذه الدار السرور، وأنت تعني الدار بعينها، ويسمى في علم البلاغة : التجريد، وهو أن ينتزع من ذي صفة أمراً آخر مثله، مبالغةً، لكمالٍ فيه. تقول : لقيت من زيد أسداً. وقيل : هي على معناها، والمراد : أن لهم في النار المشتملة على الدركات دار مخصوصة، هم فيها خالدون، ﴿جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون﴾ أي : جُوزوا بذلك جزاء بسبب ما كانوا يجحدون بآياتنا ويلغون فيها.
الإشارة : الآية تنسحب على مَن يرفع صوته بمحضر مجلس الوعظ والذكر، أو العلم النافع، أو صفوف الصلاة، فهذه المجالس يجب صونها من اللغو والصخب، ويجب الاستماع لها، والإنصات، والتوقير، والتعظيم، لأنها موروثة عن الرسول ﷺ قال تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهَمْ لِلتَّقْوَى﴾ [الحجرات : ٣]، ومَن فعل شيئاً من ذلك فالوعيد بقوله تعالى :﴿فلنذيقن الذين كفروا...﴾ الآية ـ منه بالمرصاد. والله تعالى أعلم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤١
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وقال الذين كفروا﴾ وهم متقلبون فيما ذكر من العذاب :﴿ربنا أَرِنَا اللذَيْنِ أَضَلاَّنا من الجن والإنس﴾، يعنون الفريقين الحاملين على الضلال، من شياطين الجن والإنس، بالتسويل والتزيين، وقيل : هما إبليس وقابيل، فإنهما سنّا الكفر
٣٤٢
والقتل، وقرىء بسكون الراء تخفيفاً، كفَخِذ وفخْذ، وبالاختلاس، أي : أبصرناهما، ﴿نَجْعَلْهُما تحت أقدامنا﴾ أي : ندسهما تحت أرجلنا، انتقاماً منهما، أو : نجعلهما في الدرك الأسفل ﴿ليكونا من الأسفلين﴾ ذلاًّ ومهانةً، أو : مكاناً، جزاء إضلالهم إيانا.