الإشارة : كل مَن سقط عن درجة المقربين العارفين، وتعوّق عن صحبتهم، بسبب تعويق أحد، تمنى يوم القيامة أن يكون تحت قدمه، ليكون أسفل منه، غيظاً وندماً، ولا ينفع التمني والندم في ذلك اليوم. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِن الذين قالوا ربُّنا الله﴾ أي : نطقوا بالتوحيد واعتقدوا، ﴿ثم استقاموا﴾ أي : ثبتوا على الإقرار ومقتضياته من حسن الأعمال، وعن الصدّيق رضي الله عنه : استقاموا فعلاً، كما استقاموا قولاً. وعنه : أنه تلاها ثم قال : ما تقولون فيها ؟ قالوا : لم يذنبوا، قال : حملتم الأمر على أشده، قالوا : فما تقول ؟ قال : لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان. وعن عمر رضي الله عنه : لم يَرُوغوا رَوَغان الثعالب، أي : لم ينافقوا. وعن عثمان رضي الله عنه : أحكموا العمل، وعن عليّ رضي الله عنه : أدُّوا الفرائض. وعن الفُضيل : زهدوا في الفانية، ورغبوا في الباقية. قلت : ويجمعها الإقرار بالربوبية، والقيام بوصائف العبودية.
﴿تَتَنزَّلُ عليهم الملائكةُ﴾ عند الموت، وفي القبر، وعند البعث، أو : في الدنيا بإلهام الخير وشرح الصدر، وإعانتهم على الأمور الدينية، كما أن الكفرة تقويهم ما قُيض لهم في قرناء السوء. والأظهر : العموم. ﴿ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا﴾ فـ " أن " مخففة، أو : تفسيرية، أي : لا تخافوا ما تٌقدمون عليه، ولا تحزنوا على ما خلفتم، فالخوف : غم يلحق لتوقع مكروه، والحزن : غم يلحق لفوات نافع، أو حضور ضارٍّ. والمعنى : أن الله تعالى كتب لكم الأمنَ من كل غم، فلن تذوقوه أبداً. ﴿وأبْشِروا بالجنة التي كنتم تُوعدون﴾ في الدنيا على ألسنة الرسل. وقال محمد بن علي الترمذي : تتنزل عليهم ملائكة الرحمة، عند مفارقة الأرواح الأبدان، ألا تخافوا سلب الإيمان، ولا تحزنوا على ما كان من العصيان، وأبشروا بدخول الجنان، التي تُوعدون في سالف الأزمان.


الصفحة التالية
Icon