وإِما يَنزغنَّك من الشياطن نزغٌ}، النزغ : شِبه النخس، والشيطان ينزغ الإنسان، كأنه ينخسه، يبعثه على ما لا ينبغي، وجعل النزغ نازغاً مجاز، كجدّ جدّه، والمعنى : وإن طرقك الشيطان على ترك ما وُصِّيْتَ به من الدفع بالتي هي أحسن، ﴿فاستعِذْ بالله﴾ من شرِّه، وامضِ على حلمك ولا تُطعه، ﴿إِنه هو السميعُ﴾ لاستعاذتك، ﴿العليمُ﴾ بنيتك وتعلقك به، أو : بنزغ الشيطان ووسوسته. وهو تعليم لأمته ﷺ إذ كان شيطانه أسلم على يده.
الإشارة : قال القشيري : قيل : الداعي إلى الله هو الذي يدعو الناس إلى الاكتفاء بالله، وتَرْكِ طلب العِوَض من الله، بل يَكِلُ أمره إلى الله، ويرضى من الله بقسمة الله. ثم قال :﴿وعَمِلَ صالحاً﴾ كما يدعو الخلق إلى الله يأتي بما يدعوهم إليه، ويقال : هم الذين عرفوا طريقَ الله، ثم دعوا ـ بعدما عرفوا الطريقَ إلى الله ـ الخلقَ إلى الله، ﴿وقال إِنني من المسلمين﴾ لحكمه، الراضين بقضائه وتدبيره. هـ.
وقال الشاذلي رضي الله عنه : عليك برفض الناس جملة، إلا مَن يدلك على الله، بإشارةٍ صادقة، وأعمال ثابتة، لا ينقضها كتاب ولا سُنَّة. هـ. وشروط الداعي إلى الله على طريق المشيخة أربعة : علم صحيح، وذوق صريح، وهمّة عالية، وحالة مرضية، كما قال زروق رضي الله عنه. وقال الشريشي في رائيته :
وللشيخ آياتٌ إذا لَن تَكنّ له
فما هُو إلا في ليالي الْهَوَى يَسْرِي>> إذا لَمْ يكن عِلْم لَديْهِ بِظَاهرٍ
ولاَ باطنٍ فاضْرِبْ بِهِ لُجَجَ الْبَحْرِ


الصفحة التالية
Icon