وقوله تعالى :﴿وإِنه لكتابٌ عزيز﴾ قال الشيخ عبد الرحمن اللجاي في كتاب " قطب العارفين " : الكتاب عزيز، وعلم الكتاب أعز، والعلم عزيز، والعمل به أعز، والعمل عزيز، والذوق أعز، والذوق عزيز، والمشاهدة في الذوق أعز، والمشاهدة عزيزة، والموافقة في المشاهدة أعز، والموافقة عزيزة، والأنفس في الموافقة أعز، والأنس عزيز، وآداب الأنس أعز. ثم قال : لكن لا يستنشق رائحة هذه المقامات مَن غلب جهلُه على علمه، وهواه على عقله، وسفهُه على حلمه. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤٩
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ما يُقال لك﴾ أي : ما يقول لك كفار قومك ﴿إِلا ما قدْ قيلَ للرسل مِن قبلك﴾ ؛ إلا مثل ما قال للرسل كفارُ قومهم، من الكلمات المؤذية، والمطاعن في الكتب المنزلة، فاصبر كما صبروا، ﴿إِن ربك لذو مغفرةٍ﴾ ورحمة لأنبيائه ﴿وذو عقابٍ أليمٍ﴾ لأعدائهم، وقد نصر مَن قبلك مِن الرسل، وانتقم مِن أعدائهم، وسيفعل مثل ذلك بك وبأعدائك، و :﴿ما يُقال لك﴾ من الوحي وتخاطب به من جهته تعالى، ﴿إِلا ما قد قيل للرسل﴾ وأوحي إليهم، فلست ببدع منهم ﴿إِن ربك لذو مغفرة﴾ لمَن صدق وحيه، ﴿وذو عقاب أليم﴾ لمَن كذب.
﴿ولو جعلناه﴾ أي : الذكر ﴿قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فُصِّلتْ آياتهُ﴾ أي : هلاَّ بُيّنت بلسان العرب حتى نفهمها، كانوا يقولون : لتعنتِهم : هلاّ نزل القرآن بلغة العجم! فقيل لهم : لو كان كما تقترحون لقلتم : هلاّ بُيّنت آياته بلغتنا لنفهمه، ﴿أأعجميٌّ وعربيٌّ﴾، بهمزتين الأولى للإنكار، يعني : لو نزل بلغة العجم لأنكروا وقالوا : أقرآن أعجمي ورسول عربي ؟ والأعجمي : الذي لا يفصح ولا يُفهم كلامه، سواء كان من العجم أو من العرب، والعجمي : منسوب إلى أمة العجم، فصيحاً كان أو غير فصيح، ومَن قرأ بهمزة واحدة، فالمعنى : هلاَّ فُصّلت آياته فيجعل بعضها أعجمياً لإفهام العجم، وبعضها عربيّاً لإفهام العرب، فيكون معنى " فُصِّلت " : نُوِّعَت.


الصفحة التالية
Icon