وقوله تعالى :﴿قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء﴾، قال الورتجبي : هُدىً، لقلوب العارفين إلى معدنه، وهو الذات القديم، وشفاء لقلوب العاشقين، وأرواح مرضى المحبة وسُقمى الصبابة، فلأنه خطاب حبيبهم، وكتاب مشوقهم، يستلذُّونه من حيث العبارات، ويعرفونه من حيث الإشارات. هـ. وقوله تعالى :﴿في آذانهم وقر﴾ قال ذو النون : من وُقِر سمعُه وأصم عن نداء الحق في الأزل، لا يسمع نداءه عند الإيجاد، وإن سمعه كان ذلك عليه عمىً، ويكون عن دقائقه بعيداً، وذلك أنهم نُودوا عن بُعد، ولم يكونوا بالقرب. هـ. فكل مَن قرأه ذاهلاً عن تدبُّره بوساوس نفسه، فهو ممن نُودي في الأزل عن بُعد. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥٠
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ولقد آتينا موسى الكتابَ﴾ ؛ التوراة ﴿فاختُلف فيه﴾ فقال
٣٥١
بعضهم : حق، وقال بعضهم : كتبه بيده في الجبل، كما اختلف قومك في كتابك القرآن، فمِن مؤمن به وكافر، ﴿ولولا كلمةٌ سبقتْ من ربك﴾ في حق أمتك بتأخير العذاب، ﴿لقُضِيَ بينهم﴾ ؛ لأهلكهم إهلاك استئصال. وقيل : الكلمة السابقة هو العدة بالقيامة لقوله :﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ﴾ [القمر : ٤٦]، وأن الخصومات تُفصل في ذلك اليوم، ولولا ذلك لقُضي بينهم في الدنيا. ﴿وإِنهم﴾ أي : كفار قومك ﴿لفي شكٍّ منه﴾ من أجل القرآن ﴿مُرِيبٍ﴾ ؛ موقع للريبة، وقيل : الضمير في (بينهم) و(إنهم) لليهود، وفي (منه) لموسى، أو : لكتابه، وهو ضعيف.
﴿مَن عَمِلَ صالحاً﴾ بأن آمن بالكُتب وعمل بوحيها، ﴿فلنفسه﴾ نفع، لا غيره، ﴿ومَن أساء فعليها﴾ ضرره، لا على غيره، ﴿وما ربك بظلاّمٍ للعبيد﴾، فيعذب غير المسيء، أو يُنقص من إحسان المحسن.


الصفحة التالية
Icon