الإشارة : الاختلاف على أهل الخصوصية سُنَّة ماضية، ﴿ولن تجد لسنة الله تبديلاً﴾، فمَن رام الاتفاق على خصوصيته، فهو كاذب في دعوى الخصوصية، وفي الحِكَم :" استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك دليل على عدم صدقك في عبوديتك ".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥١
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِليه يُرَدُّ عِلْمُ الساعةِ﴾ أي : إذا سُئل عنها يجب أن يقال : الله أعلم بوقت مجيئها، أو : لا يعلمها إلا الله، ﴿وما تَخْرُجُ من ثمراتٍ من أكمامها﴾ ؛ من أوعيتها، جمع " كِمَ " بكسر الكاف ؛ وهو وعاء الثمرة قبل أن تنشق، أي : لا يعلم كيفية خروجها ومآلها إلا الله. ﴿وما تحمل من أُنثى﴾ أي : تعلقُ النطفة في رحمها، وما ينشأ عنها من ذكورة وأنوثة وأوصاف الخلقة ؛ تامة أو ناقصة، ﴿ولا تضع﴾ حَملها ﴿إِلا بعلمه﴾ ؛ استثناء مفرغ من أعم الأحوال، أي : ما يحدث شيء من خروج ثمرة، ولا حمل حامل، ولا وضع واضع، ملابساً بشيء من الأشياء إلا ملابساً بعلمه المحيط.
﴿و﴾ اذكر ﴿يومَ يُناديهم﴾ فيقولُ :﴿أين شركائي﴾ بزعمكم، أضافهم إليه على زعمهم، وفيه تهكم بهم وتقريع، ﴿قالوا آذَنَّاك ما مِنَّا من شهيدٍ﴾ أي : من أحد يشهد لهم بالشركة، إذ تبرأنا منهم، لما عاينا حقيقة الحال، وتفسير " آذن " هنا بالإخبار، أحسن من تفسيره بالإعلام ؛ لأن الله تعالى كان عالماً بذلك، وإعلام العالم محال ؛ أما الإخبار للعالم بالشيء ليتحقق بما علم به فجائز، إلا أن يكون المعنى : إنك علمت من قلوبنا الآن : أنَّا لا
٣٥٢
نشهد تلك الشهادة الباطلة ؛ لأنه إذا علمه من نفوسهم، فكأنهم أعلموه، أي : أخبرناك بأنَّا ما منا أحد اليوم يشهد بأنّ لك شريكاً، وما منا إلا مَن هو مُوَحَّد. أو :(ما منا من) أحد يشاهدهم، لأنهم ضلُّوا عنهم في ساعة التوبيخ، وقيل : هو من كلام الشركاء، أي : ما منا شهيد يشهد بما أضافوا لنا من الشركة.


الصفحة التالية
Icon