﴿وضلّ عنهم ما كانوا يَدْعُون﴾ ؛ يعبدون ﴿من قَبْلُ﴾ في الدنيا ﴿وظنوا﴾ ؛ وأيقنوا ﴿ما لهم من محيصٍ﴾ ؛ من مهرب، والظن معلق عنهم بحرف النفي عن المفعولين.
الإشارة : إليه تعالى يُرَدُّ علمُ الساعة، التي يقع الفتح فيها على المتوجه، بكشف الحجاب بينه وبين حبيبه، وما تخرج من ثمرات العلوم والحِكَم من أكمام قلبه، وما تحمل نفس من اليقين والمعرفة، إلا بعلمه. ثم ذمَّ مَن مال إلى غيره بالركون والمحبة، وذكر أنه يتبرأ منه في حال ضيقه، فلا ينبغي التعلُّق إلا به، ولا ميل القصد والمحبة إلا له ـ سبحانه ـ وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿لا يسأمُ الإِنسانُ﴾ أي : جنسه، أو : الكافر، بدليل قوله :﴿وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئِمَةً﴾ [الكهف : ٣٦]، أي : لا يملّ ﴿من دعاءِ الخيرِ﴾ ؛ من طلب السعة في المال والنعمة، ولا يملّ عن إرادة النفع والسلامة، والتقدير : من دعائه الخير، فحذف الفاعل وأضيف إلى المفعول، ﴿وإِن مسَّه الشرُّ﴾ ؛ الفقر والضيق، ﴿فَيَؤُوسٌ﴾ من الخير ﴿قنوطٌ﴾ من الرحمة، أي : لا يرجو زواله ؛ لعدم علمه بربه، وانسداد الطريق على قلبه في الرجوع إلى ربه، بُولغ فيه من طريقين : من طريق بناء فَعول، ومن طريق التكرير ؛ لأن اليأس هو القنط، والقنوط : أن يظهر أثر اليأس فيتضاءل وينكسر، ويظهرَ الجزع، وهذا صفة الكافر لقوله :﴿إِنَّه لاَ يَايْئَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف : ٨٧]. وقال الإمام الفخر : اليأس على أمر الدنيا من صفة القلب، والقنوط : إظهار آثاره على الظاهر. هـ.
﴿ولئن أذقناه رحمةً من بعد ضراء مَسَّتْهُ ليقولَنَّ هذا لِي﴾ أي : وإذا فرجنا عنه بصحّة بعد مرض، أو : سعة بعد ضيق، قال :﴿هذا لي﴾ أي : هذا قد وصل إليّ لأني استوجبته
٣٥٣


الصفحة التالية
Icon