وعبّر بالسين مع أن إراءة تلك الآيات قد حصلت قبل ذلك، بمعنى أن الله تعالى سيُطلعهم على تلك الآيات زماناً فزماناً، ويَزيدهم وقوفاً على حقائقها يوماً فيوماً، ﴿حتى يتبين لهم﴾ بذلك ﴿أنه الحقُّ﴾ أي : القرآن، أو : الإسلام، أو : التوحيد، ﴿أوَلَمْ يكف بربك أنه على كل شيءٍ شهيدٌ﴾، توبيخ على تردُّدهم في شأن القرآن، وعنادهم المحوج إلى إراءة الآيات، وعدم اكتفائهم بإخباره تعالى. والهمزة للإنكار، والواو للعطف على مقدّر يقتضيه المقام، أي : أَلَمْ يُغن ولم يكف ربك. والباء : مزيدة للتأكيد، ولا تكاد تزاد إلا مع " كفى ".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥٤
و (أنه...) الخ : بدل منه، أي : ألم يُغنهم عن إراءة الآيات المبنية لحقيّة القرآن ولم يكفهم في ذلك أنه تعالى شهيد على كل شيء، وقد أخبر أنه من عنده. وقيل : معناه : إن هذا الموعود من إظهار آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم سيرونه ويشاهدونه فيتيقنون عند ذلك أن القرآن تنزيل من عالم الغيب ؛ الذي هو على كل شيء شهيدٌ.
﴿أَلا إِنهم في مِريةٍ﴾ ؛ شك عظيم ﴿من لقاءِ ربهم﴾ فلذلك أنكروا القرآن، ﴿ألا إِنه بكل شيءٍ محيط﴾ ؛ عالم بجميع الأشياء وتفاصيلها، وظواهرها، وبواطنها، فلا يخفى عليه خافية منهم، وهو مجازيهم على كفرهم وشكهم، لا محالة.
٣٥٥


الصفحة التالية
Icon