﴿أَم اتخذوا من دونه أولياءَ﴾، هذه جملة مقررة لِما قبلها، من انتفاء أن يكون للظالمين وَليّ ولا نصير. و " أم " : منقطعة، وما فيها من الإضراب للانتقال من بيان ما قبلها إلى بيان ما بعدها. والهمزة لإنكار الوقوع ونفيه على أبلغ وجه، أي : ليس المتخَذون أولياء، ولا ينبغي اتخاذ وليّ سواه. وقوله :﴿فالله هو الوليُّ﴾ : جواب عن شرط مقدّر، كأنه قيل بعد إبطال ما اتخذوه أولياء من الأصنام : إن إرادوا ولياً في الحقيقة فالله هو الوليّ، لا وليّ سواه. ﴿وهو يُحيي الموتى﴾ أي : ومن شأنه إحياء الأموات، ﴿وهو على كل شيءٍ قديرٌ﴾ فهو الحقيق بأن يُتخذ ولياً، فليخصُّوه بالاتخاذ، دون مَن لا يقدر على شيء. وبالله التوفيق.
الإشارة : قال القشيري : كلُّ مَن تبع هواه، وترك لله حدّاً، أو نقض له عهداً ؛ فهو ممن اتخذ الشيطانَ وليّاً، فالله يَعلمه، لا يخفى عليه أمره، وعلى الله حسابه، ثم إن شاء عَذَّبه، وإن شاء غَفَرَ له. هـ. فيقال للواعظ أو الداعي إلى الله : لا تأسَ عليهم إن أدبروا،
٣٦٠
الله حفيظ عليهم، وما أنت عليهم بوكيل. وكان الرسول ﷺ داعياً إلى الله، يُنذر الناس بالقرآن، فمَن تبعه كان من أهل الجنة، ومَن خالفه كان من أهل السعير، وبقي خلفاؤه من بعده، العلماء بالله، الذين يُذكِّرون الناس، ويدلونهم على الله، فمَن صَحِبَهم وتبعهم كان من أهل الجنة ؛ جنة المعارف، أو الزخارف، أو هما، ومَن انحرف عنهم كان من أهل السعير، نار القطيعة أو الهاوية.
قال القشيري : كما أنهم اليومَ فريقان ؛ فريق في درجات الطاعات وحلاوة العبادات أو المشاهدات، وفريق في ظلمات الشِّركِ وعقوبات الجحد، فكذلك غداً، فريقٌ هم أهل اللقاء، وفريق هم أهل الشقاء. ﴿ولو شاء الله﴾ أي : أراد أن يجمعهم كلهم على الرشاد لم يكن مانع. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥٩


الصفحة التالية
Icon