﴿ولولا كلمةٌ سبقتْ من ربك﴾، وهي العِدَة بتأخير العقوبة ﴿إِلى أجلٍ مسمى﴾ هو يوم القيامة ﴿لقُضي بينهم﴾ أي : لوقع القضاء بينهم، وأهلكوا حين افترقوا لعظم ما اقترنوا. ﴿وإِن الذين أُورثوا الكتاب مِن بعدهم﴾ وهم المشركون ﴿لفي شك منه﴾ أي : القرآن ﴿مُريبٍ﴾ ؛ مُوقع في الريبة. وهو بيان لكيفية كفر المشركين، بعد بيان كيفية كفر أهل الكتاب، أي : وإن المشركين الذي أُوتوا القرآن من بعدهم، أي : من بعد ما أورث أهل الكتاب كتابهم، لفي شك من القرآن مريب. والظاهر : أن التفرُّق المذكور هنا إنما هو في شأن الرسول ﷺ ؛ لأن سياق النظم إنما هو لبيان أحوال هذه الأمة، وإنما ذكر مَن ذكر من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ لتحقيق أن ما شرع لهؤلاء دين قديم، أجمع عليه أولئك الأعلام ـ عليهم الصلاة والسلام ـ تأكيداً لوجوب إقامته، وتشديداً للزجر عن التفرُّق والاختلاف. فالتعرُّض لبيان تفرُّق أممهم عنه ربما يُوهم الإخلال بذلك المرام. قاله أبو السعود.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٦٤
الإشارة : الذي شرع الله من الدين لأقوياء عباده، ووصّى به خواص أنبيائه : أن يشاهدوه وحده في الباطن، ويقوموا برسم العبودية في الظاهر، وهذا هو إقامة الدين، الذي يجب الاتفاق عليه، لكن لا ينال هذا إلا بعد موت النفوس، وحط الرؤوس، وبذل الفلوس. ولذلك كَبُرَ على أهل الفَرْق، قال تعالى :﴿كبر على المشركين ما تدعوهم إليه﴾، فإذا وفق العبد لفعل ما تقدم، وسلك طريقه ؛ اجتباه ربه لحضرته، بعد أن هداه لسلوك طريقته. قال تعالى ؛ ﴿الله يجتبي إليه مَن يشاء ويهدي إليه مَن ينيب﴾ فالاجتباء
٣٦٥