والذين يُحاجُّون في الله} ؛ يُخاصمون في دينه ﴿من بعد ما اسْتُجيبَ له﴾ ؛ من بعد ما استجاب له الناس، ودخلوا فيه، ليردّوهم إلى دين الجاهلية، كقوله :﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً...﴾ [البقرة : ١٠٩]، والتعبير عن ذلك بالاستجابة ؛ باعتبار دعوتهم إليه، أو : من بعد ما استجاب الله لرسوله ﷺ وأيّده بنصره، كيوم بدر، أو : من بعد ما استجاب له أهل الكتاب، بأن أقرُّوا بنعوته ﷺ، واستفتحوا به قبل مبعثه. وذلك أن اليهود والنصارى كانوا يقولون للمؤمنين : كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، فنحن خيرٌ منكم، فنزلت :﴿والذين يُحاجون...﴾ الآية. ﴿حُجتُهم داحضةٌ﴾ ؛ باطلة، ﴿عند ربهم﴾، وإذا كانت داحضة من حيث كونه ربّاً رؤوفاً فأحرى من حيث كونه قاهراً منتقماً. وسمّاها حُجة، وإن كانت شُبهة ؛ لزعمهم أنها حُجة. ﴿وعليهم غَضَبٌ﴾ عظيم، لمكابرتهم الحق بعد ظهوره ﴿ولهم عذاب شديدٌ﴾ لا يُقادر قدره.


الصفحة التالية
Icon