﴿اللهُ لطيف بعباده﴾ أي : برٌّ بهم في إيصال المنافع ودفع المضار، أوصل لهم من فنون الألطاف ما لا تكاد تناله أيدي الأفكار والظنون. وقيل : هو مَن لطُف بالغوامض علمه، وعظُم عن الجرائم حلمه، أو : مَن ينشر المناقب ويستر المثالب، أو : يعفو عمَّن يهفو، أو : مَن يعطي العبد فوق الكفاية، ويكلّفه من الطاعة دون الطاقة. وقال شيخ شيوخنا، سيدي عبد الرحمن الفاسي رضي الله عنه : الظاهر حمل العباد على ما اصطفاه، بدليل الإضافة المفيدة للتشريف، وأنه تعالى لطيف بهم رفيق، ومن ذلك : حمايتهم من الدنيا، ومما يطغى من الرزق، وعليه ينزل قوله :﴿يرزق مَن يشاء﴾. هـ. أي : يرزق على حسب مشيئته، المبنية على الحِكَم البالغة. وفي الحديث :" إِن من عبادي مَن لا يُصْلِحُ إيمانه إلا
٣٦٨
الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإِنَّ من عبادي المؤمنين مَن لا يُصْلِحُ إيمانه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك ". وأما قوله تعالى :﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾ [هود : ٦] فهو وعد لجميع الخلق، وهو مبني على المشيئة المذكورة هنا، فلا منافاة بينهما، خلافاً لابن جزي ؛ لأن المشيئة قاضية على ظاهر الوعد، ولا يقضي ظاهر الوعد عليها. انظر الحاشية.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٦٨
وهو القويُّ﴾
؛ الباهر القدرة، الغالب على كل شيء، ﴿العزيزُ﴾ المنيع ؛ الذي لا يُغْلَب.


الصفحة التالية
Icon