يقول الحق جلّ جلاله :﴿أم لهم شركاءُ شرعوا لهم من الدين﴾، " أم " : منقطعة، أي : بل ألهم شركاء، أو : معادلة لمحذوف، تقديره : أقبلوا ما شرعت لهم من الدين، أم لهم آلهة شرعوا من الدين ﴿ما لم يأذن به اللهُ﴾ أي : لم يأمر به، ﴿ولولا كلمةُ الفصل﴾ أي : القضاء السابق بتأخير الجزاء، أي : ولولا العِدة بأن الفصل يكون يوم القيامة ﴿لقُضِيَ بينهم﴾ ؛ بين الكفار والمؤمنين. أو : لعجلت لهم العقوبة. ﴿وإِنَّ الظالمين لهم عذابٌ أليمٌ﴾ ؛ وإن المشركين لهم عذاب أليم في الآخرة، وإن أخّر عنهم في دار الدنيا.
﴿ترى الظالمينَ﴾ ؛ المشركين في الآخرة ﴿مُشفقينَ﴾ ؛ خائفين ﴿مما كسبوا﴾ ؛ من جزاء كفرهم، ﴿وهو واقع﴾ ؛ نازل ﴿بهم﴾ لا محالة، أشفقوا أم لم يُشفقوا. ﴿والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجناتِ﴾ كأنّ روضة جنة المؤمن أطيب بقعة فيها وأنزهها، فالروضات : المواضع المونقة النضرة، فهم مستقرون في أطيب بقعها وأنزهها. ﴿لهم ما يشاؤون عند ربهم﴾ أي : ما يشتهون من فنون المستلذات حاصل لهم عند ربهم، ﴿ذلك هو الفضلُ الكبير﴾ الذي لا يُقادر قدره، ولا يبلغ غايته على العمل القليل، فضلاً من الكبير الجليل.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧١
ذلك الذي يُبَشِّرُ اللهُ﴾
تعالى، ﴿عبادَه﴾ فحذف عائد الموصول. ويقال : بشَّر وبشر، بالتشديد والتخفيف، وقرىء بهما. ثم وصف المبشرين بقوله :﴿الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ دون غيرهم.
الإشارة : كل مَن ابتدع عملاً خارجاً عن الكتاب والسنّة فقد شرع من الدين، ما لم يأذن به الله، فينسحب عليه الوعيد، لقوله ﷺ :" مَن سنَّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر مَن
٣٧١


الصفحة التالية
Icon