جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧٤
قال ابن عباس : لما نزل. ﴿قل لا اسألكم عليه أجراً...﴾ الآية. قال قوم في نفوسهم : ما يريد إلا أن يحثنا على أقاربه من بعده، فأخبر جبريلُ النبيَّ ﷺ أنهم قد اتهموه، وأنزل :﴿أم يقولون افترى على الله كذباً...﴾ الآية، فقال القوم : يا رسول الله ؛ فإنا نشهد أنك صادق. فنزل :﴿وهو الذي يقبل التوبة...﴾ هـ.
قال أبو هريرة : قال النبي ﷺ :" الله أفرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد، ومن العقيم الوالد، ومن الظمآن الوارد، فمَن تاب إلى الله توبة نصوحاً أنسى الله حافظيه، ولو كانت بقاعُ الأرض خطاياه وذنوبه ". واختلف العلماء في حقيقة التوبة وشرائطها، فقال جابر بن عبد الله : دخل أعرابي مسجد النبي ﷺ، فقال : اللهم إني أستعيذك وأتوب إليك، سريعاً، وكبّر، فلما فرغ من صلاته، قال له عليّ : ما هذا ؟ إن سرعة الاستغفار باللسان توبة الكذابين، وتوبتك تحتاج إلى توبة، فقال : يا أمير المؤمنين، وما التوبة ؟ قال : أسم يقع على ستة معانٍ : على الماضي من الذنوب الندامة، ولتضييع الفرائض الإعادة، ورد المظالم، وإذابة النفس في الطاعة، كما أذبتها في المعصية، وإذاقة النفس مرارة الطاعة، كما أذقتها حلاوة المعصية، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته.
وعن السدي : هي صدقُ العزيمة على ترك الذنوب، والإنابة بالقلب إلى علاّم الغيوب. وعن سهل : هي الانتقالُ من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة. وعن الجنيد : هي الإعراض عما سوى الله.
قال الله تعالى :﴿ويعفو عن السيئاتِ﴾ وهو ما دون الشرك، يعفو لمَن يشاء بلا توبة، ﴿ويعلم ما تفعلون﴾ كائناً ما كان، من خير أو شر، حسبما تقتضيه مشيئته.