﴿ويستجيبُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ أي : يستجيب لهم فحذف اللام كما في قوله :﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ﴾ [المطففين : ٣] أي : يجيب دعوتهم، ويثيبهم على طاعتهم، أو : يستجيبون له بالطاعة إذا دعاهم إليها. قيل لإبراهيم بن أدهم : ما لنا ندعو فلا نُجاب ؟ قال :" لأنه دعاكم فلم تُجيبوا ". ﴿ويَزِيدُهُمْ من فضله﴾ على ما سألوه، واستحقوه بموجب الوعد. ﴿والكافرون لهم عذابٌ شديد﴾ بدل ما للمؤمنين من الفضل العظيم والمزيد.
الإشارة : قال الورتجبي :﴿أم يقولون افترى على الله كذباً﴾ فيه تقديس كلامه،
٣٧٥
وطهارة نبيه ﷺ عن الافتراء، وكيف يفتري وهو مصون من طريان الشك والريب والوساوس والهواجس على قلبه ؟ وقال أيضاً : عن الواسطي : إن يشأ الله يختم على قلبك لكن ما يشاء، ويمح الله الباطل بنفسه ونعته، حتى يعلم أنه لا حاجة له إلى أحد من خلقه، ثم يحقق الحق في قلوب أنشأها للحقيقة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧٤
قلت : في الآية تهديد لأهل الدعوى ؛ لأنهم إن داموا على دعواهم الخصوصية بلا خصوصية ؛ ختم الله على قلوبهم بالنفاق، ثم يمحو الله الباطل بأهل الحق والتحقيق، فتُشرق حقائقهم على ما يقابلها من البال فتدمغه بإذن الله وقضائه وكلماته.
وقوله تعالى :﴿وهو الذي يقبل التوبة عن عباده...﴾ الخ، لكل مقام توبة، ولكل رجال سيئات، فتَوبة العوام من الذنوب، وتوبة الخواص من العيوب، وتوبة خواص الخواص من الغيبة عن شهود علاّم الغيوب. وقوله تعالى :﴿ويعلم ما تفعلون﴾ يشير إلى الحلم بعد العلم.


الصفحة التالية
Icon