وقال شفيق بن إبراهيم :﴿لو بسط الله الرزق لعباده﴾ أي : لو رزق الله العباد من غير كسب ﴿لبغوا﴾ ؛ طغوا وسَعَوا في الأرض بالفساد، ولكن شغلهم بالكسب والمعاش، رحمة منه. هـ. أي : لئلا يتفرّغوا للفساد، ومثله في التنوير. وقال شيخ شيوخنا الفاسي العارف : والظاهر حمل العباد على الخصوص المصْطَفين من المؤمنين، فإنهم يحمون من الطغيان وبسط الرزق ؛ لئلا يبغوا. هـ.
وقال قتادة : كان يقال : خير الرزق : ما لا يطغيك، ولا يلهيك، فذكر لنا أن النبي ﷺ قال :" أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها " هـ.
رُوي أن أهل الصُّفة تمنوا الغنى، فنزلت. وقيل : نزلت في العرب، كانوا إذا أخصبوا تحاربوا، وإذا جدبوا انتجعوا. هـ.
﴿وهو الذي يُنَزِّل الغيث﴾ أي : المطر الذي يُغيثهم من الجدب، ولذا خصّ بالنافع منه، فلا يقال للمطر الكثير : غيث، ﴿من بعد ما قنطوا﴾ : يئسوا منه. وتقييد تنزيله بذلك، مع نزوله بدونه أيضاً ؛ لمزيد تذكُّر كمال النعمة. ﴿وينشُرُ رحمتَه﴾ أي : بركات الغيث ومنافعه، وما يحصل به من الخصب في كل مكان، من السهل، والجبل، والنبات، والحيوان. أو : رحمته الواسعة المنتظمة لما ذكر وغيره. ﴿وهو الوليُّ﴾ الذي يتولى عباده بالإحسان ونشر الرحمة، ﴿الحميدُ﴾ ؛ المستحق للحمد على ذلك، لا غيره.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٧٦
الإشارة : عادته تعالى مع أوليائه أن يعطيهم ما يكفيهم بعد الاضطرار، ويمنعهم منه فوق الكفاية ؛ لئلا يشغلهم بذلك عن حضرته، وفي الحديث :" إن الله يحمي عبده المؤمن ـ أي : مما يضره الدنيا وغيرها ـ كما يحمي الراعي الشفيق غنمه من مراتع الهلكة " وفي حديث آخر :" إذا أحبّ الله عبداً حماه الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء " ورَوى ابن المبارك، عن سعيد بن المسيب قال : جاء رجل رسول الله ﷺ فقال : أخبرني يا
٣٧٧