﴿والذين إذا أصابهم البغيُ﴾ ؛ الظلم ﴿هم ينتصرون﴾ ؛ ينتقمون ممن ظلمهم، أي : يقتصرون في الانتصار على ما حُدّ لهم، ولا يعتدون، وكانوا يكرهو أن يذلُّوا أنفسَهم فيجترىء عليهم الفسّاق، فإذا قدروا عفوا، وإنما حُمدوا على الانتصار ؛ لأن من انتصر، وأخذ حقه، ولم يجاوز في ذلك حدّ الله، فلم يسرف في القتل، إن كان وليّ دم، فهو مطيع لله. وقال ابن العربي : قوله :﴿والذين إذا أصابهم البغي...﴾ الآية ذكر الانتصار في معرض المدح، ثم ذكر العفو في معرض المدح، فاحتمل أن يكونَ أحدهُما رافعاً للآخر، واحتمل أن يكون ذلك راجعاً إلى حالين، أحَدُهُما : أن يكون الباغي مُعلناً بالفجور وقحاً في الجمهور، ومؤذياً للصغير والكبير، فيكون الانتقامُ منه أفضل، وفي مثله قال إبراهيم النخعي : يُكره للمؤمنين أن يُذِلُّوا أنفسهم، فيجترىء عليهم الفُسّاق. وإما أن تكون الفَلتة، أو يقع ذلك ممن يعترف بالزلة، ويسأل المغفرة، فالعفو ها هنا أفضل، وفي مثله نزل :﴿وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [البقرة : ٢٧٧]، ﴿وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ﴾ [النور : ٢٢] الآية. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٨٢