﴿أو يُرسلَ رسولاً﴾ أو : بأن يرسل مَلَكاً ﴿فيُوحيَ﴾ الملَكُ ﴿بإِذنه﴾ ؛ بإذن الله تعالى وتيسيره ﴿ما يشاءُ﴾ من الوحي. وهذا هو الذي يجري بينه تعالى وبين أنبيائه في عامة الأوقات. روي : أن اليهود قالت للنبي ﷺ : ألا تكلم الله، وتنظر إليه إن كنت نبياً، كما كلمة موسى، ونظر إليه ؟ فقال ﷺ :" لم ينظر موسى إلى الله تعالى " فنزلت. والذي عليه جمهور المحققين أن نبينا عليه الصلاة والسلام رأى ربه ليلة المعراج، وكلّمه مشافهة، وعليه حمل البيضاوي قوله تعالى :﴿إِلا وحياً﴾ ؛ لأن الوحي هو : الكلام الخفي، المدرك بسرعة، أعم من أن يكون مشافهة أو غيرها.
قال الطيبي : وإذا حمل الوحي على ما قاله البيضاوي، وأنه المشافهة، المعنى بقوله :﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى﴾ [النجم : ١٠] اتجه ترتيب الآية، وأنه ذكر أولاً الكلام بلا واسطة، بل مشافهة، وهو حال نبينا ﷺ، ثم ذكر ما كان بغير واسطة، ولكن لا
٣٨٩
بمشافهة، بل من وراء الغيب، ثم ذكر الكلام بواسطة الإرسال. هـ. بالمعنى.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٨٩
إِنه عَلِيٌّ﴾ ؛ متعال عن صفات المخلوقين، لا يتأتى جريان المفاوضة بينه تعالى وبينهم إلا بأحد الوجوه المذكورة، ولا تكون المكافحة إلا بالغيبة عن حس البشرية، ﴿حيكمٌ﴾ يُجري أفعاله على سنن الحكمة، فيكلم تارة بواسطة، وأخرى بدونها، مكافحة، أو غيرها.