ولمَّا كان قيام الساعة من الغيوب المستقبلية الحقية أتبعه بقوله :﴿عالم الغيبِ﴾، وقرأ حمزة والكسائي :" علاّم الغيب "، بالمبالغة، يعلم ما غاب في عالم ملكه وملكوته، ﴿لا يَعْزُبُ عنه﴾ : لا يغيب عن علمه ﴿مثقالُ ذرة﴾ : مقدار أصغر نملة ﴿في السماواتِ ولا في الأرض، ولا أصغرُ من ذلك﴾ أي : من مثقال ذرة ﴿ولا أكبرُ إِلا في كتاب مبين﴾ في
٦٢
اللوح المحفوظ، أو في علمه القديم، وكنَّى عنه بالكتاب ؛ لأن الكتاب يحصي ما فيه.
قال الغزالي، في عقيدة أهل السنة : وأنه تعالى عالم بجميع المعلومات، محيط بما يجري من تخوم الأرض إلى أعلى السماوات، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، ويُدرك حركة الذر في جو السماء، ويعلم السر وأخفى، ويطّلع على هواجس الضمائر، وحركات الخواطر، وخفيات السرائر، بعلم قديم أزلي، لم يزل موصوفاً به في أزل الأزل. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٦٢
ثم علل إتيان الساعة بقوله :﴿ليجزيَ الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أولئك لهم مغفرةٌ﴾ لِما اقترفوا من العصيان، وما قصروا فيه من مدارج الإيمان، ﴿ورِزق كريم﴾ لِمَا صبروا عليه من مناهج الإحسان. ﴿والذين سَعَوْا في آياتنا مُعَاجِزين﴾ بالإبطال وتعويق الناس عنها، ﴿أولئك لهم عذابٌ من رِجْزٍ أليم﴾ أي : لهم عذاب من أقبح العذاب مؤلم. ورفع " أليم " مكي وحفص ويعقوب، نعت لعذاب، وغيرهم بالجر نعت لرجز. قال قتادة : الرجز : سُوء العذاب.